كتب الله الموت على كل حي فلا يدوم إلا وجه الله عز وجل. قال تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)؛
فقد فجعنا بخبر وفاة الشيخ الجليل سعد بن عبد الله المليص، والفجيعة حينما يغيّب الموت الصالحين الذين لهم أثر محمود في خدمة الناس. والشيخ سعد المليص عُرف عنه الصلاح، كما عرف عنه العمل الجاد ليس من أجل الذات وإنما من أجل المجتمع .. من بواكير حياته؛ فقد سبق جيله بفكره وثقافته ومبادراته.
فهو من العناصر الوطنية الواعية والرجال المخلصين يتفانى؛ لتقديم الخدمة والنفع للناس. ليكسب الخيرية مصداقًا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (خير الناس أنفعهم للناس)،
وهو من رواد التعليم بالمنطقة والمساهمين بفتح عدد من المدارس في غامد وزهران. والمبادرون كذلك بفتح فصول محو الأمية وتعليم الكبار في قبيلته بجهود ذاتية. وتأسيسه للمدرسة الريحانية التي تخرج منها العديد الذين تبوأوا مواقع قيادية في الدولة، وساهموا كذلك في خدمة الوطن بشكل فاعل.
وله الجهود الجميلة في التوعية الإسلامية من خلال عمله كمدير لها بالتعليم فترة من الزمن. وأيضًا مساهماته الخيرية الناجزة عندما استلم أمانة جمعية البر الخيرية بمنطقة الباحة، ولا زالت مواقفه النبيلة يذكرها المجتمع حتى الآن من خلال سعيه لخدمة الأيتام والفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة والمعوزين، وما حققته الجمعية من نجاح في العمل الخيري على مستوى المملكة، والتي سبقت غيرها في تنفيذ برامج التعليم والتدريب لكافة الفئات المحتاجة.
وهو الرجل الناجح في أي عمل يتسلمه، فبعد أن كسب ثقة ولاة الأمر بتعيينه رئيسًا للنادي الأدبي بالباحة، كانت مساهمات النادي واضحة وإنجازاته ظاهرة ومبادرته شاهدة على العقلية الإدارية التي يتمتع بها رحمه الله.
وفوق ذلك الجانب الاجتماعي؛ فهو صديق الجميع ومن جميع الشرائح والأعمار علاقاته مبنية على التقدير والاحترام مع الصغير والكبير.
كان رجلًا وجيهًا حكيمًا، طلق الوجه، فصيح اللسان، سديد البيان. ابتسامته لا تفارق محياه كسب محبة الجميع، ومن أحبه الله حبّب فيه خلقه.
عملنا وتعاملنا معه؛ فكان نعم الأخ، ونعم الأب، ونعم الصديق، ونعم الزميل، ونعم الموجه من سماته التواضع مع الجميع واهتمامهم بالمصلحة العامة، شديد الحرص على خدمة المنطقة ورفعة الوطن، وتحقيق الأهداف العليا.
يذكره الجميع بالخير والفضل والصلاح والناس شهود الله في الأرض.
نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان.
“إنا لله وإنا إليه راجعون”