رسم الشيخ الشاعر الفخري الموصلي حرف الحاء (ح) في مُنتصف الدائرة بقصيدتهُ، اختار الشيخ الشاعر حرف الحاء (ح) لكونهُ أول حرف لاسم الحوت ثم وصف المشهد فانطلق من حرف الحاء بأحد عشر بيتًا من الشِعر، بدأ كل بيت شِعر بحرف الحاء (ح)، وانطلق منها مارًا ببقية الكلمات حتى ينتهي بكلمة تنتهي أيضًا بحرف الحاء (ح) الواقعة في مُنتصف اللوحة. قطَّع الشيخ الشاعر الموصلي الكلمات القريبة من حرف الحاء(ح) إلى حروف وضعها مُتناثرة فتبدو للناظر إلى اللوحة؛ كأنها فُقاعات هواء تنتشر مُتناثرة سابحة في الماء؛ وكأن الشيخ الشاعر يريد أن يقول لنا إن الحوت كان يرى كلمات القصيدة هكذا أمام أنفهُ في الماء. راعى الشيخ الشاعر الموصلي أن تكون أول كلمة وآخر كلمة من كل بيت من أبيات الشِعر مُقطٌعة على النحو المُدرج بقصيدتهُ؛ بحيث يقرأها القارئ مزدوجة الاتجاهات، فيقرأها القارئ مُنطلقًا من حرف الحاء (ح) في مُنتصف اللوحة ومرةٌ أخرى عند انتهاء البيت الشعري، ثم يقرأ نفس الحروف المُقطّعة معكوسة في بداية البيت الشعري التالي … وهكذا حتى نهاية القصيدة، فضلًا على احتواء الكلمة ذاتها على معنيين مُختلفين مع بداية ونهاية كل بيت شِعر. انظر حروف الكلمات في الرسم ونص أبيات الشعر أسفل المقالة.
هذا ولقد من الواضح أن الشيخ الشاعر بذل جهدًا مُتفانيًا في بناء قصيدتهُ لغويًا وتشكيليًا معقدًا، يبعث في داخلنا شعور الإعجاز و الانبهار.
فيما يلي نص قصيدة يونس، لاحظ حرف الحاء (ح) في بداية الحروف المُقطًعة لاحظ أيضٍا ازدواج معنى الكلمة في نهاية البيت وبداية البيت الذي يليه:
ح م ل ت نبوتك الأمان إلى الورى أي الكتاب لنا بذلك ت ص ر ح
ح ر ص ت عليك لدى حلولك بطنها حوت غدت في البحر فخرا ت م ر ح
ح ر م ت أولى الآمال أرباب الغنى ونوال فضلك فيه وفدك ت س ر ح
ح ر س ت دخيلك من عداه حماية من فيضك الجاري بفضل ت ر ش ح
ح ش ر ت إليك ذو الرجا آمالها وقلوبها بالحزن باتت ت ن ض ح
ح ض ن ت أياديك الأناس وأنها تهدي إلى الإحسان منك و ت ن ص ح
ح ص ن ت بجاهك عن عذاب جاءها قوم بنار الخزى كادت ت ل ف ح
ح ف ل ت بذاتك في البحار غناية من ذي الجلال غداة كنت ت س ب ح
ح ب س ت عليك أولو السؤال نفوسها ولها جباه في ترابك ت م س ح
ح س م ت يداك لنا عوادي دهرنا ولكم وردنا الجود منك و ت س م ح
ح م س ت لظى الأحزان أحشاها وقد طمحت إليك كؤوس فيضك ت ل م ح.
تعزيزًا للقصيدة البصرية العربية القديمة ومحاولة لبث الحياة فيها مرة أخرى قُمنا بإعداد معرض عرضنا فيه ما تيسر لنا بنسخْ عدد من أصول القصائد البصرية العربية القديمة، كما هي مصوّرة بالكُتُب بأصولها الأولى مثل اللوحة المُرفقة، وقمنا كذلك بإعادة رسم بعض القصائد الأُخرى باستخدام وسائط تشكيلية وخامات أُخرى. ثم أنتجنا بعض من القصائد البصرية العربية الحديثة استوحيناها من روح القصائد البصرية القديمة بتجربتنا التشكيلية الشخصية عرضناها في معرض شخصي تحت عنوان “الكلمات العربية الجميلة” بقاعة نهضة مصر بمتحف محمود مختار بالقاهرة، افتتحهُ رئيس قطاع الفنون التشكيلية الفنان الدكتور خالد سرور ومدير متحف محمود مختار الفنان المثال طارق الكومي في شهر نوفمبر 2016.
فيما يلي أحد القصائد البصرية العربية المُعاصرة التي استوحيناها من اللوحة المُرفقة مع مُراعاة الاحتفاظ بالمعايير الفنية التشكيلية التي جاء بها الفن العربي والإسلامي.
فنان و ناقد تشكيلي
هولندا- أمستردام