المؤامرات نتيجتها حتمية، فهي عمليات دنيئة تستهدف الدول والمنظمات والأفراد، ويقف خلفها من يعتقدون أنهم قادرون على حَبك الخطط القذرة للإضرار بخصومهم، إذ إن مصير أشهر الدسائس التي دُبرت بليل أو في وضح النهار كانت عواقبها وخيمة على صُناع المؤامرات أنفسهم، وأصيبوا بخيبات أمل كارثية أدت إلى زوالهم بالكلية وخروجهم من المشهد، وجلبت لهم ولشعوبهم الموت والدمار، وتسببت المؤامرات في نشوء الحروب المدمرة طيلة القرون الماضية.
العجيب أن من يقفون خلف حياكة المؤامرات كانوا يعتقدون أنهم سيحققون نصرًا كبيرًا في إصابة الأهداف وإضعاف الخصوم، ولكن بضاعتهم رُدت إليهم بالخيبة والخسران، رغم اعتقادهم الجازم بالنتائج الإيجابية التي سيحققونها من خلال هذه الانقلابات الخفية على شركائهم ممن منحوهم الثقة في بعض الأحيان، أو ممن كانوا بمثابة أعداء حقيقيين، لكنهم استخدموا المأجورين لتنفيذ هذه الخُدع كأسلحة يطعنون بها خصومهم، إذ إن غالبية المتآمرين تجدهم من الممكَنين أو المقربين من أولئك الذين يستهدفونهم بخبثهم، ويتشاركون معهم في الجوار أو يعتنقون ذات الملة، أو يكونون من بني جلدتهم.
وإن تسألنا عن أسباب نشوء المؤامرات؟ فغالبًا ما تكون مبنية على الرغبة في إقصاء الآخر بطرق غير سوية أو أن المتآمرين ضاقوا ذرعًا بعد أن وجدوا أن خصومهم يملكون السيطرة والتأثير العالمي ويتمتعون بمقومات لا تتوفر لديهم وحققوا نجاحات كبيرة عجزوا عن تحقيقها، لذا فهم يلجئون إلى محاولة التشويه، والإساءة، وتلفيق الأكاذيب، واستغلال الفرص للنيل من أولئك الذين وضعوا منهجًا مستقبليًا يدفعهم إلى النظر إلى الأمام لبناء الأمم وتنمية الشعوب.
وما هذه التصرفات الطفولية التي تقودها إيران وتركيا وقطر، إلا سلسلة من المؤامرات التي نشأت في الأساس على مبدأ منافسة السعودية العظمى ذات التأثير العالمي، صانعة القرار الإسلامي، فاجتماع محور الشر يبرهن على أن هذه الدول لم تستطع أن تهاجم السعودية منفردة فلجأت إلى تشكيل حلف صفوي إخواني نهجه العام دعم المليشيات، وتشكيل العصابات وإذكاء بؤر الصراع في مختلف الأقطار واليوم تستميت هذه الدول القائمة على المليشيات والأحزاب؛ لأن تحقق مجتمعة ما لم تحققه منفردة من خلال العمل على إيقاف التطور المتسارع الذي تشهده السعودية على مختلف الأصعدة، ولكن هذا يعتبر عضيًا عليهم ولن تتحقق أهدافهم، في ظل قيادة حكيمة وضعت رؤية طموحة للمضي والمنافسة على المراكز الأولى بين دول العالم في محاور متنوعة وشاملة، تستهدف مرتكزات بناء قويمة، وتؤسس لنقلة حضارية جديدة.
هذا النهج السعودي في البناء والتنمية، وحماية الأمن، والسلم العالمي، والتنافس المحموم للرقي بالمجتمعات، وبناء دول قوية قادرة على مجابهة التحديات هو نهج دول العالم المتقدمة فاليوم التنافس الاقتصادي محتدم بين أمريكا والصين فكلا الدولتين لا تريد للأخرى أن تصبح أفضل منها، ومع ذلك هي تعمل على تطوير مخرجاتها وتنمية مواردها والتفوق في مجالات التكنولوجيا وغيرها من المجالات ذات التأثير المستقبلي وكلاهما تحققان نتائج مبهرة لإدراكها أن البقاء في نقطة الصفر، وترقب حياكة المؤامرات بينها لن يجدي نفعًا فمن أراد الصدارة فلينافس بجدارة.
وأقول لأولئك المتآمرين وبعض الدول الناشزة ليكن لكم عبرة في مصير مؤامرة صدام حسين على جارته الكويت، وكيف حول العراق إلى دمار وخراب نتيجة سياساته القائمة على التآمر، وما آل إليه حال معمر القذافي الذي كانت أعماله العدائية لأشقائه العرب، والتي يتحدث بها سرًا وعلانية وبال عليه، وغيرهم من الذين ارتدت عليهم مؤامراتهم بالخيبات والنهايات المؤلمة.
مقال رائع، ومشكور على الطرح الهادف.