في كل مرة نسمع عن تعرّض رجل أمن لرصاصة غادرة تودي بحياته أو تتسبب له بعاهة مستدامة٬ يعتصرنا الألم كمجتمع بجميع شرائحه وطبقاته
الصغار قبل الكبار.
وكأن كل واحد منّا هو المصاب٬ وهي مشاعر حقيقية تكتسب صدقها من حقيقة أنه أخ للجميع٬ أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن المجتمع ومقدراته متحملًا في سبيل ذلك كل أنواع المشاق والعناء الذي قد يصل في ذروته إلى أن يكون الثمن روحه التي بين جنبيه٬ لكن السؤال المحير هل المتطرفون الظلاميون من أصحاب الفكر الشاذ والمنغلق
يستهدفون رجل الأمن بمعنى هل لديهم خطة للقضاء على كل رجال الأمن بكافة
قطاعاتهم ومرجعياتهم ودرجاتهم أم أن الأمر أبعد من ذلك لاستحالة أن يتمكن
هؤلاء من القضاء على كل رجل أمن واستهدافه بشكل شخصي وإلا لاستغرق ذلك أزمنة متطاولة٬ وهو ما لا يعرف عن أولئك الذين دأبوا على حرق المراحل واستعجال الثمرة.
إن الهدف الحقيقي بلا شك ولا ريب لدي هو “الأمن” وحالة السلم والطمأنينة التي يعيشها المجتمع.
إنه استهداف واختراق لمنظومة الأمن كلها٬ وإظهار للدولة بمظهر العاجز الضعيف في الداخل والخارج.
إنها الرغبة في تحقيق انتصارات ولو جزئية مؤقتة لدى أولئك الغلاة يقنعون من خلالها الأتباع أننا موجودون وقادرون
لإبقاء جذوة الحماس والرغبة في المواصلة متقدة في نفوسهم.
إن حالة الحزم واليقظة التي ظهرت بها الأجهزة الأمنية طوال العقود الماضية أصابت أولئك بالارتباك والإحباط٬ وهو ما يدفعهم إلى افتعال حادثة هنا أو هناك٬ بل وتجيير حوادث ثبت أن وراءها معتلًا نفسيًا أو حادثة خلاف شخصي أو عائلي للتنظيم البائس.
إن القول بأن الأمن هو المستهدف لا يقلل بأي حال من الأحوال أو يهون من قتل نفس بريئة من قبل مريض أو مرتزق؛
فهي محاولات ثبت عدم جدواها وأنها لن تغير المعادلة القائمة.
لذا وجب علينا كأفراد ومؤسسات أن نعمل على رفع درجة الوعي لدى المجتمع بأهمية الأمن وخطر انهياره٬ وأن هذه المهمة ليست مقصورة على رجال الأمن أو الجهات التابعين لها٬ بل هي مهمة كل مواطن صادق غيور على ماضٍ وحاضر ومستقبل هذا الوطن.
حريص على كل هذه المكتسبات أن تذهب أدراج الرياح٬
وهذا يبدأ من العناية بالناشئة وتربيتهم منذ نعومة أظفارهم أن الوطن أعظم المكتسبات٬ وأن المحافظة عليه أمانة
يتحملها جيل عن جيل٬
تربيتهم على أن محافظتك على مدرستك٬ حديقة٬ حيك٬ وكل مايحيط بك هي الترجمة الواعية للمواطنة الحقة٬
تربيتهم على تحمل المسؤولية والمشاركة الفاعلة والاندماج الإيجابي في الأنشطة والفعاليات التطوعية مهما كان دورهم فهي كفيلة بأن تفرز للمجتمع قيادات شابة واعية٬ تسهم في تحقيق الرؤية وجعلها كواقع ملموس٬
وهو مانلمسه ولله الحمد في أجيال من الشباب والشابات كرّسوا وقتهم وجهدهم لرسم الصورة الأنصع والأنقى لإنسان هذا الوطن العزيز.
0