المقالات

عبث القرود

يقفز القرد كثيرًا وقلّ أن تراه هادئًا؛ فلديه فرط حركة يفوق مانراه عند الحيوانات الأخرى؛ إضافة إلى قوته البدنية وسرعته، وقبل ذلك نرى ذكاءه وقابليته للتعلم بسبب حجم مخه. ومن سماته السلوكية كذلك أنه بالغ الخبث؛ فهو يتلف الأشجار، والمحاصيل، والأطعمة وكل ما يقع تحت يده دونما سبب مقنع ما يجعل البعض يحترز من وجوده في بعض المناطق؛ وخاصة المنطقة الجنوبية في المملكة ومحافظات مدينة الطائف وما حولها. وليست المشكلة في القرد فهو في النهاية حيوان، بل في بعض البشر ممن ينهجون سلوك القرد؛ فتجدهم نشطين جدًا ولديهم فرط حركة، لكن ليس النشاط والحركة المحمودين مما يعود بالفائدة على أنفسهم أو على المجتمع، بل إن نشاطهم مضر. يدخل ضمن هؤلاء أعداء البيئة ممن يمارسون الاحتطاب الجائر وصيد حيوانات وطيور مهددة بالانقراض، وذلك دونما أسباب مقنعة عدا التسلية بأسلحة صيدهم أو مهاراتهم في اقتلاع الاشجار من جذورها؛ مما يزيد من انحسار الغطاء النباتي في المملكة. يساعدهم في ذلك توافر الحصول على معدات وآلات فتاكة كالسيارة وأسلحة الصيد.

هم لايدركون أن انحسار الغطاء النباتي يترتب عليه عدة أضرار بيئية فادحة كارتفاع درجات الحرارة، وانقراض بعض الحيوانات، والنباتات، والشجيرات المعمرة.

وكمثال على ماذكرت فقد انتشر مقطع واتس آب لشابين، وقد اصطادا أكثر من ثلاثين نيصًا، وهو حيوان من القوارض وله شوك كثير يشبه القنفذ لكنه أكبر منه. هذا الحيوان لا يؤكل لحمه عادة، وشكله لايشجع حتى على الاقتراب منه أو لمسه لما قد يسببه من ضرر. هناك بالطبع بعض الخرافات التي تروج عن فوائد تناول لحمه والقوة البدنية التي تنتج عند متناوليه كالقول إن لحمه يقوي عضلة القلب، وهي خرافة قد لاتصمد أمام البحث العلمي. من الناحية الإيكولوجية فإن القضاء على هذا الحيوان قد يتسبب بأضرار بيئية غير منظورة؛ فهو يتغذى على بعض الأعشاب، وأنواع من الثمار، ولحاء بعض الأشجار ما يعني أنه غير ضار ومن المؤكد أنه مفيد في جوانب أخرى قد لاندركها ضمن ما يسمى بالدورة الإيكولوجية، وأن قتله والقضاء عليه قد ينتج عنه خلل إيكولوجي. ويحضرني في هذا المقام قصة أحد الطيور في الصين، والذي كان يتغذى على نسبة بسيطة من حبوب القمح والذرة قبل حصادها؛ حيث لاحظ الصينيون في حقبة “ماوتسي تونج” أن هذا الطائر يشاركهم محصولهم، ومن ثم قرروا القضاء عليه بخطة وطنية شملت معظم أنحاء الصين. وقد نجحت الخطة، لكن ترتب على غياب ذلك الطائر ظهور حشرة فتكت بالحبوب، وهي في سنابلها؛ مما تسبب بنقص فادح في المحاصيل تسببت بمجاعة عانى منها نحو خمسين مليون صيني في سنة واحدة. ويرجع المختصون سبب المجاعة إلى الحشرة التي كان يأكلها هذا الطائر؛ ليحد بذلك من إتلافها للمحصول، وعلى ذلك يمكن القياس فيما يتعلق ببقية الحيوانات والطيور، بل وبعض الحشرات التي نراها ضارة في حين أن لها وظيفة إيكولوجية كالبعوض الذي تتغذى عليه بعض أسماك البحيرات الحلوة. 

أوقفوا عبث “قرود البشر” بالبيئة حتى لايحدث ما لاتحمد عقباه.

Related Articles

One Comment

  1. مقال جميل يحث على الحفاظ على التوازن البيئي
    كم نحتاج من هذه المقالات الرصينة والهادفة التي
    تحمل بعد النظر وتصحح بعض السلوكيات الخاطئة
    ولكن في ظني قرود البشر لا يطلعون على المقالات والقراءة أخر اهتماماتهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button