عبدالله غريب

صراع الحيوانات من أجل البقاء !

في إحدى حدائق الحيوانات وسط صراع من أجل البقاء اعتاد الأسد وهو ملك الغابة كما هو في الحديقة أن يعين أحد النمور ليقوم مقامه في متابعة ما يصير من جميع الحيوانات التي تضمها الحديقة بما في ذلك الطيور التي خصص لها شبك وأشجار مجردة من الأوراق لعلها تتنقل وتنتشر عليها براحتها وبشكل مكشوف أمام الأسد متى كان موجودا أو النمر في حالة غيابه إلا أن هذه الحيوانات ومنها الفهود الأشرس المحتدة في طباعها وعدم قبولها الضيم ولأنها تستطيع اللحاق بفريستها بذكائها ودهائها وسرعة وصولها باجتهادها دون مساعدة من أحد إلا أنها كانت مكروهة عند كثير من المفترسة بما فيها الثعالب مفترسة الدجاج بالرغم أنها ليست من بيئة واحدة بل أتت من أماكن مختلفة من الغابات البرية الأخرى وبعضها هدايا مجانية من أصحاب الحدائق التي تعود الأسد وصولها بعلمه تارة وبدون علمه تارات كثيرة إلا أن بعض هذه الحيوانات يطغى عليها التنمر على باقي الحيوانات كصفة وراثية وتدريب مستمر من مروضيها على حب الانتقام من غيرها حتى لو كانت مدربة أفضل منها ولديها تمكن من الانخراط في نظام الحديقة الذي لا تجهله بقدر ما يحاول بعض هذه المنتقمة تجاهلها وتقليص الفرص أمامها بعدم تمكينها ومحاولة تقزيم جهودها في ضبط المكان وإيقاف تزلف بعض هذه الحيوانات للأسد ليكسبوا رضاه ويضعهم في المواقع التي يستطيعون من خلالها تملك مفاصل الطرق التي قد توصلها لمكان الأسد الذي يعجبه صوتها بدءا من شقشقة العصافير وانتهاء بنهيق الحمير !

النمر كلما أتيحت له فرصة غياب الأسد إما لانشغاله مع زوار الحديقة واستعراض مفاتنه ومواهبه أمامهم أو بالتنزه حول الحديقة مع مروضه أو بزيارة حدائق أخرى في محيط جغرافية الحدائق البرية ومن ثم العودة ليجد أن الأمر بدأ يتفاقم في حديقته بسبب الثعلب الذي اختاره ليكون الناقل الوحيد لما يريد من معلومات في حالة غيابه أو استشارته في بعض القروبات التي ينوي تأسيسها وهو الحيوان الذي يمتاز بالمكر والخيانة خاصة وأنه يسطو على الدجاج وبعض الطيورالحائرة فيفتك بها سرا بمباركة من بعض الحيوانات الوجلة التي تخاف استغلال نفوذه عند الأسد فيفسد عليها مكانتها وهذا الثعلب دائما ما يمارس لعبته كلما طلبه الأسد معلومة أو استشاره في أمر ما يخص الحديقة وسكانها أو يتعلق بأمر خارجها مع الحيوانات البرية التي تنتظر دورها لتنظم لثروته الحيوانية وبعضها مفترس لكنه كما يقال يرضى من اللحم بعظم الرقبة تحاشيا الاصطدام والسبب أن الثعلب أكثر ما يشير عليه باستقدام حيوانات غير مروضة وليس لديها خبرة للحياة داخل شبك الحديقة باعتبارها تعيش في البر بكامل حريتها دون سابق معرفة بما يدور حول الأسد !

النمر لا يهمه أمر الحديقة بقدر ما يهمه التواجد فيها وإلا فزاده وعيشه يأتيه رغدا لكنه يحتاج لهذا الموقع بعد أن تعب من حياة البرية ومطاردة الفرائس بصعود الجبال والتنقل بين الفيافي فكان لزاما عليه أن يتعامل مع الثعلب بحذر رغم أنه يعرف قدراته وأنه لا يعيش إلا بالمكر والخديعة ويحب أن تكون الحديقة كلها ثعالب فقط ليمرر لعبته ويتقمص شخصية الأسد باعتباره الوحيد الذي قربه الأسد منه وبالتالي فالثعالب ستخشاه وربما تسرق من الدجاج بالذات وتقدمه له وتأكل هي من الفراخ الصغيرة أو الطيور الأخرى ولو أنها لا تستسيغها لكنها نزولا عند رغبة هذا الثعلب يحاولون التعايش معه لكي لا يفسد علاقتها بالأسد أو النمر وإن كانت فرص النمر أقل بكثير من الثعلب لقربه من ملك الحديقة ولأنه لم يتعود سوى التعامل المباشر مع فرائسه ومع هذا فهما يعيشان في مد وجزر وصراع مع الأسد مما أغرق الحديقة بمكره وتزلفه بالثعالب وانحسر دور النمر تأسيا بالثعلب في مراقبة الفهود القادمة ومحاولة تقزيمها حتى لا تأخذ مكانه لكن فات عليه أن الثعلب الماكر يمارس صلفه وعبثه من خلف الستار فأصيب بالقهر وكاد يخرج من الحديقة لولا أن ألأسد تنبه لهذا واستعان ببعض الأسود والنمور من البرية لردم الهوة بين النمر والثعلب فاصطلحا بتحجيم الدور وتوقف كل منهما عند صلاحياته وبقيت الفهود تهيم بوجوهها داخل الحديقة وخارجها لأنها لم تقدم قرابين للأسد واكتفت بأن تعيش بسلام وتثبت وجودها في البرية التي شهدت لها ببطولات جعلت منها مادة للعلماء الباحثين فألفوا حولها كتبا مصورة وأفلاما وثائقية وأصبحت مراجع للعلماء وطلاب الجامعات والمتخصصين ومروضي الفهود والأسود والنمور بالذات فيما ينتظر أن تبقى تلك الحديقة – التي لفظتهم لعدم حب الثعلب لهم وخوف النمر من تفوقهم عليه – ساحة لضجيج الأصوات ومقبرة للنافقة منها فيما تلك الفهود تنتظر دورها اللائق بها وببتصنيفها لتبين لذلك الأسد وإن كان متأخرا بأنه اعتمد على الثعلب فتناقصت لديه المفترسة وبقي حوله كومة من بعض الطيور وأقفاصا من الدجاج وذلك النمر الثاوي الجريح الذي ينتظر أن يلقى حتفه في يومه الموعود ويصبح رهين الدود بعد أن رضي في تلك الفهود وبعد أن تغير مكان الأسد ضمن تغير مواقع معظم الأسود !!!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button