“ومضات الوهج ”
مقال يومي موجز نتاج حال التدبر في آي الذكر الحكيم والإبحار بين مرافئ درره وشواطئ كنوزه.
في كل يوم من هذا الشهر الكريم لنا وقفة تدبر في تفسير آية أو أكثر ومايستفاد منها من لطائف ومايستقى منها من فوائد.. نسأل الله التوفيق و النفع.
1 رمضان..
الومضة الأولى..
هل يمرض القلب كما البدن؟!
بلى.. يمرض القلب … هذه الحقيقة تقررها الآية العاشرة في سورة البقرة (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) .. فهاهو القلب يسقم و يضعف و يصيبه العطب كما يصاب الجسد.. فإن كان سبب مرض الجسد هو جرثومة فجرثومة مرض القلب هي بزوغ بوادر الشك و عدم التصديق فمرض القلوب هو شكها و رياؤها و نفاقها و عدم تصديقها.. ولهذا لمن لم يراجع نفسه و يحاول معالجة سقم قلبه فإن جزاءه من جنس عمله بأن يزيده الله ضلالا على ضلاله ومرضا على مرضه.. ربما يصح مريض البدن بعد برهة وإن لم يتناول علاجا.. ولكن هيهات لمريض القلب أن يلتمس شفاء لمرضه مالم يتخلص من شوائب الكذب و نفايات الشك التي توقد تحت المرض شعلة فيظل متقدا وفي اضطراد مع مرور الزمن.. علاقة طردية أحبتي عافانا الله و إياكم.. كلما وجد الشك في آيات الله كلما زاده الله و ضاعفه.. وذاك حال المنافقين.. وهم كاذبون لأنهم يدعون التصديق والإيمان والشك يملأ قلوبهم فيضعفها .. وقد تساءل كثيرون عن سبب عدم قتل رسول الله المنافقين مع ظهورهم و معرفة أعيانهم فالجواب هنا إنما للحفاظ على مصلحة الدين العامة .. فقد خشي رسول الله أن يقال أن محمدا يقتل أصحابه كما يعد ذلك تنفير لغيرهم من الأعراب في الانضمام للواء الدين .. وفي هذا التفكير حكمة واتساع في الرؤية والنظر.. خاصة وأن منهج الرسول الكريم في التعامل مع من يبطن الشر ويظهر الخير أن يحاسب الإنسان دنيويا بما يظهر لا بما ينوي و يبطن أما النيات والخفايا فهي لرب العالمين يحاسب بها وحده ويعلم المنافق ممن صلح دينه وصفا قلبه ..
لطائف مستفادة :-
-اعتن بقلبك واضرب له سرادق الوقاية من بوادر الشك و الرياء.. تذلل بالدعاء بطمأنينة القلب وإخلاصه وفي التدبر لآيات القرآن تثبيت للقلب بزيادة التصديق.. والبعد عن الذبذبة والتأرجح و من يبثونها.. اليوم هناك من يشكك في كتب صحيح الأحاديث وإن داخل الشك قلب المسلم بصحة النص كذب محتواه وابتعد عن مضمون دينه وشرائعه وفي ذلك هلاكه.
– انظر للأمور نظرة كلية فالحلول لاتكون قاطعة أحيانا.. فلعل علاج سريع مباشر يعالج زاوية ويؤدي إلى فساد زوايا أخرى خسارتها أكبر.
– لاتبحث في سراديب الآخرين عن نواياهم ومدى اتفاقها مع ظواهر قولهم وفعلهم.. فأنت بشر وقدراتك محدودة و الظاهر هو ما تدركه حواسك وقدراتك.. ولا تحاسب أحدهم على نية مضمرة سيئة وإن تأكد لك شرها ولسانه يقول خيرا وفعله يشير لخير.. اترك حساب الضمائر لعالم مافيها.. فإن لم يحاسب بها في الدنيا فلن يترك في الآخرة بدون عقاب..