الصحفي المتجول
إحتفل العالم قبل أيام بما أطلق عليه يوم السعادة العالمي وجاء الإحتفال بهذه المناسبة في وقت يعيش فيه عالمنا العربي والإسلامي أوج تعاسته وأحزانه ومآسيه التي لاتنتهي وسط صراعات ومؤامرات ونكبات متوالية… ومازال العالم الإسلامي يعيش حالة حزن على الحادث المؤسف الذي قتل وأصيب فيه نحو مائة مسلم بنيوزلندا في حادث المسجد الشهير.. ومن قبله حادث القطار في مصر وبعده حادثة غرق العبارة العراقية أضف إلى ذلك الأحداث المؤلمة التي تشهدها بعض بلداننا الإسلامية التي أصبحت كلمة سعادة بالنسبة إليهم تعد غريبة على مسامعهم أو أنها ذكرى من الماضي – وأعتقد أن التوقيت غير مناسب لأن يحتفل عالمنا العربي والإسلامي خاصة بما سمي بيوم السعادة العالمي ..
ثم ما أكثر الأيام التي نشارك دول العالم الإحتفال بها وتقام تحت عناوين ومسميات مختلفة ولو أحصينا عددها لوجدناها تفوق عدد أيام السنة الواحدة وقد يصادف أن نحتفل بأكثر من مناسبة في يوم واحد,, وأجمل مافيها هو تلك الموائد العامرة التي تحتوي على مالذ وطاب من طعام وشراب !– علماً بأن معظم هذه المناسبات تكون نتيجتها (بعزقة الدراهم) هنا وهناك بسبب الإنفاق المادي المهول عليها بلا فائدة أو جدوى من المشاركة فيها لأن بعضها لايتفق مع عاداتنا وتقاليدنا.. كما أنها أصبحت مسرحاً للمتحدثين والمهرجين الذين إتخذوها تجربة لمهاراتهم في فنون الإلقاء والصراخ والفلسفة الزائدة. كذلك فهي تعد ضرباً من ضروب الفساد المالي نتيجة الإسراف التي ينتابها كما ذكرت ..ولكم أن تتصورا إن إحدى الجهات كانت قد إحتفلت بإحدى هذه المناسبات فأنفقت عليها مليوني ريال شملت تنظيم ورشة(سمكرة) قصدي ورشة عمل ومن المعلوم أن ورشة العمل دائماً ما تتخللها مآدب الطعام الفاخرة وتنتهي بتوصيات من قبل المشاركين فيها يكون مصيرها حاوية النفايات المجاورة لمقر عقد الورشة أو تصبح مأدبة غذاء فاخرة للفئران والقطط والكلاب الضالة !!.
وأن ما يسمى بالأيام التي يحتفي بها العالم ونشاركهم فيها بحيث لا يأتي يوم إلا ونسمع بيوم عالمي أو أكثر هي ظاهرة تحتاج التوقف عندها بحيث نشارك فقط فيما يفيد بلادنا من تلك المناسبة ونتجاهل ما لايفيد منها ولايتفق مع عاداتنا وتقاليدنا أو التوافه منها.. وإذا إستمر الوضع على هذا المنوال من المشاركات والأيام التي نشارك فيها والتي بعضها لايخلو من(الرقص والغناء) فقد نسمع مستقبلاً بيوم (المطبق أو المعصوب أو الفول والعدس والكبسة والعصيدة العالمي) أو يوم الرأفة والتعاطف مع الحمير والبغال أكرمكم الله أو الإحتفال بيوم البكاء العالمي والذي نشارك فيه بفعاليات كبرى إلخ..
وغالباً ما تتخلل هذه المناسبات مهرجانات خطابية وإحتفالات مثيرة وكما ذكرت تسيطر عليها عمليات إسراف وتبذير وموائد عامرة – ومن المتناقضات في هذه المناسبات.. الإحتفال بيوم الجوع العالمي وفي ذلك اليوم يحتفل فيه البعض بأكبر مائدة طعام يستفيد منها المشاركون في الحفل فقط بينما يوجد في خارج القاعة المئات من الجوعى ينتظرون بفارغ الصبر التكرم بمنحهم ولو فتات خبز يسد رمقهم.. بعد أن أصبحت مثل هذه المناسبات ساحة للمستفيدين والفاسدين الذين يستغلونها لزيادة مدخولاتهم المالية ونخرج في الأخير من(المولد بلاحمص) أو أي فائدة مرجوة سوى مضيعة للوقت والمال ..
ومادمنا بصدد الإحتفال بهذه المناسبات والتي تسمى اليوم العالمي.. أقترح ان يكون هناك يوم يسمى بيوم الصمت العالمي نحتفل ونشارك العالم فيه فنحن بحاجة إلى مثل هذا اليوم والذي يشترط أن يصمت المهرجون والمعلقون والمطربون والمطربات فيه ونتحدث بلغة الإشارة فقط في ذلك اليوم ونضرب عن الحديث والتعامل مع وسائل التواصل الإجتماعي من (واتساب وغاتساب وهاتف وخراب ساب )ونعمل في ذلك اليوم أي(يوم الصمت العالمي ) على إعادة العادات الجميلة واللحمة بين الجيران والأسر ونتخلص من العادات الدخيلة مثل الثرثرة والكذب والنفاق والتطبيل ويضاف إلى ذلك صمت محللي السياسة والرياضة والإقتصاد عن الثرثرة في الفاضي والمليان وتختفي الضوضاء عن شوارعنا فنحن بحاجة فعلية لهدوء الأعصاب ووجع الدماغ !..