التهنئة لفارسي عسير – أبها وضمك – الصاعدان حديثًا لدوري محمد بن سلمان الممتاز الموسم المقبل، الأول متصدرًا والثاني وصيفًا في ملحمة كبيرة وكبيرة جدًا تحدث لأول مرة ، فالإدارة في الفريقين والجهازين الفني واللاعبين يستحقون الإشادة والثناء لمنجزهم الرائع والتاريخي حد البذخ.
أعرف أن ملحمة الصعود لدوري الأضواء حدث كبيرخلفه أمير لا يحبذ الإطراء، ورجال داعمين ومجلس إدارة قدّم الكثير، لكن من منظوري ومن خلال خبرة إدارية سابقة تقول إن فارسي الصعود الحقيقيين هما رئيسا الناديين فمنهم يبدأ المنجز، وعندهم يتوقف المجد؛ ليكتب أهم توثيق تاريخي للرجلين.
الدكتور أحمد الحديثي كان لاعبًا ثم مدير كرة وعضو مجلس إدارة وأكاديمي في جامعة الملك خالد، وورث من أسرته الكثير من الصفات التي يعرفها القاصي والداني من أهل المنطقة، على الطرف الآخر صالح أبو نخاع واحد من أمهر وأخطر وأذكى الإداريين، اشرف على فريق ضمك في بداياته ووصل لعضوية مجلس إدارة نادي ضمك ثم انتزع مقعدًا في أول تشكيل للاتحاد السعودي لكرة القدم بالانتخابات، وأشرف على المنتخبات السنية آخرها المنتخب الأوليمبي، يضاف لها خبرته الانضباطية من القطاع العسكري؛ لذا كنت أتابع المشهد وهو يتجه للصراع على الصدارة بين قطبي منطقة عسير وكنت أعرف أن صراع الدهاء الإداري محتدم بين اثنين من أفضل وأروع القيادات الرياضية في الأندية السعودية، وكنت أتابع لحظات الانكسار المفاجئة وهما في القمة حيث يتعامل الحديثي بصمت وحكمة، ويتعامل أبو نخاع مع الموقف بسحب بساط الصدمة بالظهور الإعلامي المتزن، وبين العمل الإداري هنا وهناك كانت مراحل الصراع تتم بقوة وبحذر من الطرفين، وكل طرف يفكر في انتزاع صولجان الصدارة للاحتفال بأول نسخة بمسماها الجديد “كأس دوري الدرجة الأولى” الذي انتزعه فريق أبها في المنعطف الأخير بكل جدارة.
أعرف أن خبرات أبو نخاع التراكمية هائلة، وإن المعايير الفنية والمادية للموسم المقبل سوف تسير بفريق ضمك نحو الهدف، بينما ذكاء الحديثي وحكمته قد تنهزم أمام العجز المالي، فقد مر هو وإدارته بأزمات حادة هذا الموسم، بل تفوقوا على أنفسهم، وأعرف حجم العمل الجبار الذي بذله مجلس إدارة الناديين قبل بداية الموسم من تضحيات وتعاقدات ومعسكرات إعداد والتفكير بعمق في كل جزئيات الانطلاق نحو المجد، بل لا أبالغ إذا قلت إن الحديثي كان في مثل هذه الأيام وقبل مغادرتي لحضور كأس العالم في روسيا يجدف ضد تياراتالظروف التي تحاصر النادي مع رغبته في تعاقدات فنية ذات قيمة والبحث عن مدرب مميز والترتيب لمعسكر خارجي، وكان يصارع الزمن الذي يسابقه ومعه رموز إدارية مخلصة، وبكل صدق أقول لو إن الظروف التي حاصرت الحديثي وفريق أبها الكروي واجهت أي فريق آخر لنافس على الهبوط لا الصعود.
عمومًا انتزع قطبا عسير بطاقتي التأهل لدوري محمد بن سلمان الممتاز، وأصبح كل فريق في مهمة أكون أولا أكون؛ حيث انتظرت عسير وسكانها هذا الحلم سنوات عجاف؛ لذا أبارك لنادي أبها ونادي ضمك هذه المنجز التاريخي، وأتوقع صمود ضمك لسببين الأول وجود إدارة مميزة بقيادة الداهية صالح أبو نخاع، ووجود مصادر مادية تدعم النادي عند الحاجة، وفي الجانب الآخر أجد مبررًا لإدارة نادي أبها التي تقف حاليًا على مفترق الطرق فالمهمة صعبة والظروف المادية تحول دون المغامرة بالاستمرار والحديثي وبقية مجلس الإدارة بين نارين، الاستمرار ومسح كل ما قدموه من أول تعثر أو الانسحاب وترك مكتب هيئة الرياضة يبحث عن حلول.
عزفت في البداية على نوتة الفرح وقدمت التهنئة الصادقة لأن الفريقين والرئيسين يستحقان ذلك، وفي النهاية أرسلت رسالة من تحت الماء شديدة الوضوح لعلها تحرك مياه القادرين للحيلولة بمالهم قبل وقوع فأس التعثر في مركب نادي أبها لا سمح الله، اللهم إني بلغت.