هناك من ينتقد لقاءات “المديفر” مع بعض الأسماء التي تتحدث عن التطرف والتشدد والإرهاب، وينظر المنتقدون على أنها حقبة زمنية عدت، لا لزوم للالتفات إليها واجترار ماضيها بوصفها فترة ظلامية ينبغي عدم فتح صفحاتها الموجعة.
فيما يرى آخرون أن إعلان التراجع وبيان خطأ الماضي أمر هام في تصحيح مفاهيم الآخرين الذين اقتنعوا بذات الأفكار دون دراية أو دراسة أو تحليل أو مناقشة أو حتى إعمال العقل؛ لذا انساقوا خلف آراء أشخاص تشكلت قناعاتهم بهم وتقمص أدوارهم.
حيث إن استماع هؤلاء تحديدًا لاعتذار رموزهم يجعلهم يعيدون التفكير إلى ما آل إليهم بتوظيف العقل بدلًا من العاطفة؛ لتتبين وتتضح لهم حقائق كثيرة وخطيرة كانت غائبة عنهم.
والمشكلة أن هناك من قبلوا في مرحلة مضت من يفكر بالنيابة عنهم، فكانت النتائج الكارثية التي لم يسلم منها المجتمع.
وحتى يكون الحديث دقيقًا هناك – مع الأسف- من هو مقتنع بسلامة ذلك المسار المنحرف.
ومثل هذه اللقاءات الجيدة من وجهة نظري تكشف المخفي، وتجلي الواقع، وتبرز المطلوب. وتشكل جانبًا وقائيًا؛ لتفادي الوقوع فيما وقع فيه بعض المغرر بهم من قبل.
ولعل أهم المنطلقات التي يسعى الحريصون لها هي إعمال العقول التي أُسلِمت للغير، وشطب بعض القدوات -من الذهن- التي ثبت زعمها وبطلان سعيها.
وأرى أن لقاءات “المديفر” المتلفزة مع بعض الأشخاص مهمة جدًا، وتتناسب أيضًا مع متطلبات المرحلة.
والجميل أن تلك القناعات المعلنة تشكلت تلقائيًا لدى أصحابها من واقع القراءات الواعية والمتابعات الجادة والتبصر الناضج، والتفكير المنطقي والتحليل الجيد الذي أوصلهم إلى معرفة الواقع، واستيعاب أهداف غلاة الفكر وأرباب التشدد من رموز التطرف ومنطلقات ادعاءاتهم التي يطلقونها باسم الدين تارة وباسم الأمة تارة أخرى.
الذين كانوا سببًا في نشوء الإرهاب، وما أفرزه من أعمال انتحارية، وتفجير وتخريب وقتل وتدمير…والذي نسبه العالم للإسلام مع شديد الأسف فكانت نتائجه خسائر فادحة على المسلمين بهلاك الكثيرين.
ولعل إعلان مواقف بعض من تورطوا تعطي دلالات واضحة بأن تأصيل الوعي لدى جميع أفراد المجتمع يقيهم فعلًا من الانحراف الفكري، ويحميهم من السقوط والتردي.
ولأن ما استمع إليه ملايين المشاهدين من الاعتراف الصريح بالخطأ والاعتذار الصادق؛ فإن الأمل بأن يُنظر في وضعهم؛ لكسبهم مواطنين مخلصين يساهمون بوطنية صادقة في خدمة الدين والمليك والوطن.