تسجل مكة المكرمة في ذاكرتها تاريخًا حافلًا وذكريات جميلة لأحداث ومواقف في عهد الدولة السعودية، لا تمحها الأيام، ولا السنون، ومن أبرز تلك المواقف ما قاله الملك المؤسس عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ أمام حجاج بيت الله الحرام عام 1348هـ، حول دعوته لاجتماع المسلمين أن “الغاية من هذا الاجتماع هو التعارف والتآلف، لعل الله يوفقنا بذلك لخدمة الدين ونشر حقيقته”.
واليوم نرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ، يقف حاميًا وداعيًا لوحدة العرب والمسلمين وتضامنهم، في قمم ثلاث أراد ـ يحفظه الله ـ أن تكون بمكة المكرمة ومن جوار البيت العتيق؛ مؤكدًا حرص المملكة العربية السعودية على الاستمرار في السير على النهج السياسي الذي رسمته منذ تأسيسها، والداعي للعمل على وحدة الشعوب العربية والإسلامية، وجمع صفوفها قادتها.
وإن كانت مكة المكرمة محط أنظار المسلمين دومًا، فإنهم في هذا الشهر الكريم ننظر نحوها، فنرى مشاهد المعتمرين والطائفين والعاكفين والرُكع السجود، وتنظر شعوب العالمين العربي والإسلامي نحو قادتها داعية الله أن يوفقهم في قممهم، ويوحد شملهم.
و القمم الثلاث التي تعقد هذه الأيام، تأتي في ظروف صعبة فلم يعد جدول أعمالها منحصرًا على القضية الفلسطينية التي أقلقت الشعوب والحكومات العربية والإسلامية على مدى عقود مضت، بل ستبحث في العديد من القضايا خاصة ما تشهده منطقة الخليج العربي من تهديدات قد تؤدي لنشوب حرب ـ لا سمح الله ـ، وهو مالا يريده الكثيرون.
كما وأن الصواريخ الحوثية المتجهة إلى مكة المكرمة تُشكل قلقًا ليس على حكومة المملكة وشعبها، بل على حكومات العالمين العربي والإسلامي، فكيف بمن يدعون الإسلام ويسمون أنفسهم بأنهم “أنصار الله”، يوجهون صواريخهم صوب بيت الله الحرام؛ لإخافة الأمنين بالبيت الحرام.
إن أمام القادة العرب والمسلمين في مؤتمر مكة المكرمة، مواقف لابد أن يسجلوها فالتاريخ سيذكرهم، ويذكر ما تضمنته قراراتهم، وعلينا كشعوب عربية وإسلامية أن ننظر للمؤتمر وقراراته نظرة تفاؤل، وندعو الله سبحانه وتعالى التوفيق للزعماء في اجتماعهم، وأن يسعوا للعمل على وحدة صفوفهم، وينبذوا خلافاتهم جانبًا، فللزمان والمكان تقديرهما واحترامهما، وعليهم أن يخرجوا بقرارات حاسمة ومصيرية، ويكفي الشعوب الإسلامية إدانات واستنكارات.