شقشقات
لماذا خصّ الله الصوم بالجزاء المفتوح بقوله في الحديث الشريف: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ … الحديث) ؟، حيث أن الأعمال كلها لله، وهو الذي يجزي بها.
اختلف العلماء في ذلك على نحو عشرة أوجه لسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل، وأهم هذه الأوجه:
أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره، إذْ
لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يُطلّع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه الله إلى نفسه، ولهذا قال في الحديث: (يدع شهوته من أجلي)، وجميع العبادات تظهر بفعلها، وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ (يعني قد يخالطه شيء من الرياء)، بخلاف الصوم.
وقد كنا نتداول “نكتة” منذ صغرنا عن رجل مجهول رآه إمام مسجد يحسن الصلاة، فأثنى عليه من باب التشجيع، فردّ عليه المصلّي: “هذا وماني متوضي ياشيخ” !
وهي وإن كانت مجرد “نكتة”، إلا أنها تحمل في ثناياها رسالة تربوية لتجريم شناعة *الرياء وأنه ممقوت من الخالق والمخلوقين.
ماكنت لأكتب عن هذا الموضوع مرة أخرى لولا تكرار الحالات في كل عام، فوجب تكرار الأمر حتى يرعوي أمثال هولاء الذين “يتحفوننا” بضجيجهم الممقوت، حول تفرّغهم الروحاني للعبادة، ومحاولة إسكات الجميع من أي رسائل أو مشاركات، سوا مشاركاتهم هم عن “إخلاصهم” لله في العبادة !
شاهد بعضكم رسالة تلخّص ماقاله أحد المشايخ عن “الاستعراض بالعبادة”، والتي من المفترض أن تكون موجهة لربّ العباد، وليس للعباد، ومن تلك الرسائل التي نشاهدها كل عام: – “سأتفرغ في رمضان للعبادة، ولذا سأغادر “الواتس أب”، نلتقي فيما بعد” !، “باتجاه مكة الآن لأداء العمرة” !، – “أنهينا العمرة، وقد دعوت لكم من أمام الكعبة” !، “في الطريق لزيارة المدينة المنورة” !، – “إطالتي للسجود تجعلني أحيا حياة جديدة” !، وغيرها وغيرها الكثير مما ورد !
فلمَ كل هذا الضجيج؟!
تستطيع فعل ذلك دون أن تخبرنا
رفقاً بإخلاصك..
ماذا أبقيت للَّه ؟!
وأين إخفاء العمل والإخلاص فيه لله وحده ؟!
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى: *تبيض سمكة “القدّ” في أعماق المحيط في أواخر الشتاء مابين ثلاثة وسبعة ملايين بيضة في المرة الواحدة، تفعل ذلك بكل هدوء ودون أن يسمع لها صوت، بينما تضع الدجاجة بيضة واحدة ويسمع صراخها كل الجيران !
بمعنى: أن بعض ربـات البيوت ماتتفتأ تنشر وتستعرض عبر “السنابات” أو “انستقرام”، أو أي وسائل أخرى، عن “تفنّنها” وطبخها وطبيخها لأهل بيتها أو زوجها، وهو حقيقة “تمنّن” واستعراض ممجوج ممقوت.
كتبنا مسبقا عن “أعمالهن في رمضان”:
https://www.makkahnews.sa/articles/5156586.html
لكن لايعني هذا أن يفطر البعض أو يتسحّر على كلـ هذه ” الكمية” من المنّ والأذى !
” خلاص يختي” عارفين أنك “الشيف” العالمي الأوحد، وكان المفترض اختيارك في برنامج “توب شيف”، لكن هناك تحيّز -ربما- من فريق الإعداد !
ألا رفقا بالعقلاء من أهليكم وأقربائكم وأصدقائكم وزملائكم، رفقا من الاستخفاف بعقولهم ومشاعرهم، بل رفقا بأنفسكم وإخلاصكم، واتركوا شيئا واحدا، ولو لمرة واحدة، لربّكم !.
___
شقيق المساء
حامد العباسي