أتحدث من الميدان التربوي؛ ولنكن أكثر شفافية حين نتحدث التربية والتعليم من جهة، وعن الثقافة من جهة أخرى، فحين أقلب صفحات المقررات الدراسية؛ وخصوصًا الأدبية منها والشرعية أو ما يسمى في المرحلة الثانوية بقسم العلوم الشرعية والأدبية أجد أن الحديث عن الثقافة في المملكة العربية السعودية نادرًا وعلى استحياء، وقليلة النصوص الأدبية لأدباء الوطن هذا من الناحية الأدبية والثقافية والفنية والتراث الثقافي والحضاري للوطن، وكذلك الثقافة التاريخية الوطنية الحديث عنها في جزئية معينة من تاريخنا الوطني، وهو ما يقرر في نهاية كل مرحلة دراسية فقط.
أما ما يخص العلوم النفسية، وعلم الاجتماع نلحظ أن الكثير من المواضيع المطروحة في المرحلة الثانوية لم تلامس حياة المجتمع يتوسع كما يجب فالقضايا متجددة، وهناك قضايا تظهر بين فترة وأخرى يجب على المقررين في علم النفس وعلم الاجتماع عدم إغفالها.
ولنذهب إلى مقرر الجغرافيا لم تبرز الجغرافيا الوطنية كما يجب إذ طغى التعرض لجغرافيا بلدان أكثر من جغرافية الوطن؛ ولأن الوطن يمتلك مساحة كبرى فمن الطبيعي أن يكون هناك تباين جغرافي مناخي، تضاريسي، توزيع سكاني، سياحي، اقتصادي …إلخ من أنواع الجغرافيا.
في قناعتي يجب على وزارة التعليم مراجعة المقررات الدراسية، والمناهج الدراسية، ومحتواها مع ما يتناسب مع هويتنا الوطنية؛ إذ إن من أهداف التعليم نقل الإرث الحضاري والثقافي للوطن، والاعتزاز به، ثم يجب مراجعة الأساليب التي تبنى بها المناهج، والمقررات، مع عدم إغفال المؤثرات الداخلية، والخارجية، وتلبية حاجات، ورغبات الأجيال المعاصرة ومتطلباتهم.
إن تطوير التعليم يبدأ من إدراك الهوية الوطنية وماهيتها، وطموحات الوطن، وميول ورغبات واتجاهات المجتمع، والأخذ بعين الاعتبار مراحل التحول التي تطرأ، ومراعاة التباين، والتنوع بين أبناء الوطن أثناء تطوير المقررات والمناهج والأنشطة المصاحبة لذلك؛ لأجل الانسجام والتعايش بين أبناء هذا الوطن، ومراجعة المحتوى الذي قد يوجد فجوة بين أبناء الوطن.