أحمد سعيد مصلح

سوق الحراج لتسويق الشهادات العليا

الصحفي المتجول: !!

الخبر الذي تم نشره في بعض وسائل الإعلام المحلية قبل عدة أشهر وأفاد بضبط موظف من حملة الشهادات العليا المزورة وكان يعمل في إحدى الهيئات الحكومية قد يكون هذا الخبر غريباً في مضمونه وذلك كونه يتعلق بمواطن يعمل بوظيفة مستشار قانوني ولم يتم ضبط جريمة تزويره للدكتوراة في مجال القانون التي كان يعمل بمقتضاها إلا بعد تقاعده عن العمل في المؤسسة الحكومية التي ينتسب إليها حيث عمل هذا المزور لأكثر من أربعين عاماً متواصلة كمستشار قانوني للهيئة دون أن يتم إكتشاف جريمة التزوير وأن الشهادة الجامعية التي كان يحملها وهمية – وبعد تقاعده عن العمل وأثناء الإستعدادات الجارية لتكريمه من جهة عمله تم وبالصدفة إكتشاف أمره وأنه يحمل شهادة الدكتوراة ولكن بالتزوير وقد حصل عليها من إحدى الجامعات في دولة عربية  – وعلى الفور وبدلاً عن تكريمه تم إحالته للجهات المختصة للتحقيق معه ومحاسبته ..حيث جرى الحكم عليه بالسجن والغرامة إضافة إلى إلزامه بإعادة جميع الرواتب والمبالغ المالية التي تسلمها من جهة عمله ولمدة أربعين عاماً قضاها في خدمة المؤسسة ولكن المفارقة هنا هي كما إعتدنا عليه حين نشر أخبار بعض الذين يرتكبون جرائم فساد أو تزوير وهو إلإكتفاء بنشر طلاسم ورموزاً وليس الإسم كاملاً كما ينبغي كأن يقال وكان المذنب يعمل مستشاراً في إحدى الإدارات وبوظيفة كذا وقد إنتقل إلى إدارة أخرى وكلف بقطاع كذا وأشرف على كذا.. وعلى القارئ الكريم أن(يفك اللغز) ويتوصل إلى الحل فربما يحصل على جائزة وهي عبارة عن (طبق معدوس بالملوخية) !!…كما أن عدم نشر أسماء هذه الفئة علانية والتستر عليهم يجعل القارئ والمطلع يشك في أكثر من مسئول وتبدأ الرهانات والخلافات والشكوك حول المتهم المعني فمن قائل أنه فلاناً وآخر يدعي بأنه علاناً!!..

وحسب  الجهات المختصة بمكافحة التزوير لدينا فقد تم ضبط أكثر من  3 آلاف شهادة هندسية وهمية  لوافدين ومواطنين وهي شهادات مزورة بالطبع حصلوا عليها من خارج المملكة وكان بعضهم يشرف على إنشاء مشاريع مهمة للدولة والقطاع الخاص – والأخطر من ذلك كله أن عدد الذين تم ضبطهم وهم يحملون مؤهلات مزورة ويمارسون مهن صحية حساسة في مؤسساتنا الصحية فقد تم ضبط 2443 شهادة مزورة خلال السنوات القليلة الماضية وأكدت تلك المصادر أن الشهادات المزورة التي تم ضبطها للعاملين في القطاعات الحكومية الصحية قد بلغ 760 فرداً فيما بلغت الحصيلة الأكبر من الشهادات المزورة التي تم ضبطها في القطاع الخاص 1683 حالة. كما كان لقطاع التمريض نصيب وافر من الشهادات الصحية بعد أن تم ضبط 1383 شهادة مزورة لممرضين وممرضات، فيما حلت الصيدلة في الدرجة الثانيةً بـعدد 373 حالة في وقت تم فيه ضبط 60 شهادة مزورة لطبيب عام منها 22 كانوا يعملون في القطاع الحكومي و38 في القطاع الخاص. ولكم أن تتصوروا أن كل هؤلاء كانوا يشرفون على علاج وإسعاف المرضى وإجراء عمليات جراحية لهم ولذا  فلاغرابة في أن نسمع عن وقوع أخطاء طبية خطيرة وضحايا بالجملة نتيجة هؤلاء المزورين ولا يستغرب  أيضاً بأن بعضهم في الأصل كان (حلاقاً أو جزاراً وعاطلاً عن العمل أو بلطجياً) في بلاده وبعد حصوله على شهادة الطب الوهمية قام بممارسة المهنة في بلادنا حتى يكتسب خبرة ويصبح بروفسيراً  ..هذا عدا الآف الشهادات المزورة التي تم إكتشافها في مجالات أخرى مختلفة مثل أساتذة في جامعات ومحامين وإستشارين ووظائف إدارية في مجالات مختلفة… أما الظريف بل الغريب في قضية الشهادات المزورة هذه فهي في وجود سماسرة يعرضون خدماتهم لمن يرغب الحصول على مؤهلات غير سليمة مقابل مبالغ قد تصل إلى عشرة الآف ريال للتخصص بحيث أصبحت الشهادات العليا المزورة تباع في سوق الحراج لبيع المؤهلات الوهمية !!..

أما الحل النهائي للقضاء على هذه المشكلة الخطيرة فليكن بطريقة التشهير أسوة بما تطبقه وزارة التجارة والإستثمار عندنا والتي دأبت على التشهير بمن يمارس الغش التجاري وذلك بنشر إسمه وعنوانه ونوع المخالفة كاملة وكذا العقوبة التي طبقت بحقه.. وعليه فيمكن نشر أسماء وصور من يتم ضبطهم وهم يحملون شهادات مزورة في وسائل الإعلام عدا تطبيق عقوبة السجن والغرامة بحقهم… ولخطورة هذا الجرم كما ذكرت فلابد أن يتم سجن من يضبط لمدة طويلة كما أن الخطورة هنا هي في  كون من يمارس أي نشاط بموجب شهادات مزورة فيعتبر ذلك من الجرائم الكبرى ويعود بالغش والضرر على الإنسان والمشروعات والبلد بشكل عام وله مردودات سلبية خطيرة علينا مثل سوء تنفيذ المشاريع التي يشرف عليها هؤلاء المزورون وكذلك يعد من يمارس مهنة الطب بموجب شهادات غير صحيحة من عتاة المجرمين إذ قد يؤدي ذلك إلى إيقاع الضرر بالمرضى مثل وقوع الأخطاء الطبية المميتة أو إصابة المريض بإعاقة دائمة لاقدر الله  ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى