ترتبط المملكة العربية السعودية منذ اكتشاف النفط في منتصف الثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي باتفاقية شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية تشمل في شقها الأمني حماية منابع النفط والممرات البحرية في منطقة الخليج العربي.
وقد فعّلت أكثر من مرة الاتفاقية التي صادق عليها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكي روزفلت في اجتماعهما على ظهر المدمرة الأمريكية كوينسي في البحيرات المرة بمنطقة السويس مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥م.
ففي الثمانينيات الميلادية عمل البلدان على حماية عمليات التصدير، وتأمين منابع وموانئ النفط خلال حرب الناقلات الذي اشتعل بين العراق وإيران في حرب استمرت لثمانية أعوام وانتهت عام ١٩٨٨.
وبعدها بعامين فعّلت الاتفاقية مرة أخرى لتأمين دول الخليج؛ ولتحرير الكويت بعد غزو قوات صدام حسين واحتلاله لها. واستمرت خلال سنين تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بمنع العراق من الحصول على أسلحة الدمار الشامل، والتعدي على جيرانه، وكبح جماح الطموحات الإيرانية لملء الفراغ.
وها نحن اليوم أمام ضرورة جديدة؛ لتفعيل الاتفاقية بعد ثمانين عامًا من التوقيع عليها؛ لردع التهديدات والتجاوزات الإيرانية على جيرانها وخطوط الملاحة الدولية والمصالح الاقتصادية العالمية.
واليوم تواجه إيران حلفًا عربيًا ودوليًا قويًا يدافع كل من يشارك فيه عن مصالحه الوطنية التي تهددها العقيدة المليشاوية للحرس الثوري المصنف إرهابيًا، وعصاباته من عبيد الولي الفقيه العرب في العراق ولبنان واليمن. وأخطائها وتجاوزاتها المتكررة تقربها أكثر في أكثر من مواجهة عسكرية ليست أهلًا لها.
فالنظام الذي أسس على تصدير الثورة والفتن الطائفية واقتصاد المواجه والصراع (الذي أسموه اقتصاد المقاومة) سينهار حتمًا تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية والدولية والمقاطعة العربية، والردع العسكري الذي سيستهدف كل مفاصل القوة والحركة التي تساعده على مشاريعه التوسعية وتهديداته الأمنية للمنطقة والعالم. إضافة إلى العزلة السياسية التي ستزيد مع زيادة المتضررين من سياساته العدوانية تجاه الغير. والجاهل عدو نفسه.