د. عبدالحفيظ محبوب

صحيفة مكة الالكترونية في سجن المباحث بذهبان

كم كنت سعيدا عندما اطلعت على لقاء لرئيس تحرير صحيفة مكة الالكترونية الأستاذ عبد الله الزهراني مع أحد النزلاء الذي كان مسرورا عند حديثه للصحيفة وقال “كسرنا انجبر من خلال برنامج إدارة الوقت الذي أعادنا للحياة ” وشعر هذا النزيل أن إدارة السجن تتعامل معه من أنه أحد أفراد هذا المجتمع وأن له كيانا ومكانة في هذا الوطن وفي مستقبله، ومن المؤكد أن كل زملائه وأقرانه يعتبرون أنفسهم أيضا أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع السعودي الذي لم يتجاهله بسبب المبادرات التي تقدمها لهم إدارة السجن، ويشعرون من خلال تلك المبادرات من أن لهم كامل الحقوق بل تفوق حقوق الإنسان السعودي خارج السجن بسبب أن المجتمع والمسؤولين ينظرون إليهم من أنهم مستقبل هذا الوطن وأن عليهم القيام بواجب التأهيل حتى لا يصاب النزيل من أنه انتهى بمجرد السجن لكن بتلك المبادرات تحي فيهم الأمل بالمستقبل للاندماج في قيادة هذا الوطن والدفاع عنه وخدمته.

الدولة والمجتمع ينظران للنزلاء من خلال شرعنا الحكيم من أن رحمة الله واسعة ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفروا الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) أخرجه الترمذي وابن ماجه والدارمي وصححه الألباني.

يجب النظر إلى النزلاء من أنهم بشر يعتريهم الخطأ والنسيان والضعف والقوة كما يعترينا، ويقع منهم الخطأ والمعصية، وليس ذلك عيبا، ولكن العيب هو التمادي فيه، والعيب النظر إليهم من أنهم مذنبون، ولم ينظر مثل هؤلاء إلى أن كثيرا ما تكون الطبائع التي لم تهذب تكون سببا من أسباب زلة القدم والوقوع في بعض الآثام، خصوصا وان طبائع الناس تختلف فمنهم السهل ومنهم الحزن ومنهم المتواضع ومنهم المتكبر ومنهم سريع الغضب، فالنفس أمارة بالسوء قد تغلبه وقد تقهره.

فحبل الخيرية بيدنا، وعلينا أن نكون سبب من أسباب دعم هذه الفئة التي يمكن أن تكون أفضل منا في خدمة هذا المجتمع وخدمة هذا الوطن، فعلينا أن نعينهم على أنفسهم بدلا من أن نعين الشيطان عليهم.

فالنظرة السلبية للنزلاء هي أقسى من العقاب، خصوصا بعد خروجه وتقضيتة عقوبته أن تكون هناك جهات مؤسسية تساهم في دمجه في المجتمع خصوصا وأن السجن هو عامل من عوامل الإصلاح في المجتمع لإعادة النزيل إلى التفكير والتأمل ومراجعة الذات، وليس كل النزلاء على درجة واحدة، فالتوبة تجب ما قبلها، فلابد من مؤسسات المجتمع المدنى أن تقوم بدورها وواجبها في القيام في دمج النزلاء بعد خروجهم في المجتمع، وأن تكون رسالتهم متممة لرسالة السجن حتى لا تحدث شروخا نفسية وعميقة تؤثر بشكل كبير على عملية التكييف الاجتماعي، وقد تكون طريق عودته مرة أخرى، ويكون المجتمع المسؤول الأول عن عودته.

أنا هنا أشكر رئاسة أمن الدولة إدارة السجن على ابتكار برامج لإحياء النزلاء وجعلهم يمارسون الحياة الحقيقية حتى ولو كانوا في السجن وهي بداية الطريق لدمجهم في المجتمع تبدأ في السجن قبل خروجهم، وأنا هنا أحي الأستاذ عبد الله الزهراني رئيس تحرير صحيفة مكة الإلكترونية على كسر حاجز الفصل بين المجتمع والنزلاء، والقيام بدمجهم المعنوي وإشعارهم بأنهم جزء لا يتجزأ عن المجتمع، وهي مبادرة إنسانية لكسر القيود التقليدية في تعاطي الإعلام مع القضايا الاجتماعية، بل للإعلام دور فاعل ومكمل في قيادة هذه المبادرة التي قامت بها إدارة السجن والتي تعني أن دمج النزلاء في المجتمع تبدأ وهو في داخل السجن لا بعد خروجه، نحن نحتاج إلى إعلام مهني كهذا يخدم قضايا المجتمع ويدافع عن أمنه.

  أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

Related Articles

One Comment

  1. الأستاذ عبد الله الزهراني لايستغرب منه مثل هذه المواقف وحديثه مع النزيل كان حديث الاخ لأخيه . وما تقدمه جميع السجون بجميع الجهات الأمنية لزلاىها شي يعكس مدى قيمة النزيل لدى الدوله ولدى المجتمع انهم جزء لا يتجزأ من المجتمع وما السجن الا إصلاح وتهذيب من خلال ما يقدم من برامج و أنشطه وندوات ويبقى النزيل اللبنة الصالحة لمجتمع بعد إنقضاء محكوميته وعضو فعال في بنائه وتطوره .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button