نحتاج المزيد من الثقافة الفقهية؛ التي لا تغفل مستجدات العصر الحديث؛ فالفقه الإسلامي يجعل من الإنسان المسلم أكثر وعيًا؛ ليتعامل مع العصر الحديث ومستجداته؛ ومن يقرأ التأريخ الإسلامي يجد نماذج لشخصيات إسلامية بارزة أدركت أثر الزمن وظروف الحياة الاجتماعية، وما يستجد فيها وأثرها على الفرد أو الجماعة، فكان التعامل مع هذه المستجدات، والظروف إنما هو نتيجة معرفة الفقه في الدين الإسلامي، ومعرفة مقاصده وخصوصًا في جانب المعاملات والآداب، وحياة الناس المدنية وما يفرض من حاجات، وضرورات تستجد.
و هنا أذكر مثال على ذلك من التأريخ الإسلامي ففي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت حادثة العسرة و هو الفقر الشديد ، و حين شعر رضوان الله عليه بوطأة الفقر ، فلقد أسقط رضوان الله عليه حد السرقة تخفيفا على الناس ؛ فإذا كان هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين و هو الذي أيده الله تعالى في كثير من الآراء التي يطرحها على رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فإن هناك قضايا معاصرة لم يكن فيها حد شرعي ؛ بل تقدير للمصلحة العامة ، و في زمن كان المجتمع السعودي يحتاجها و يراها ضرورة ، و كان ذلك من باب القاعدة الفقهية الإسلامية ” سد الذرائع ” فإن هناك تنظيمات يجب ان تراجع ، و هي أمور تتعلق بحقوق المرأة المدنية ، و حاجاتها لممارسة أنشطتها ، و أعمالها مثل إسقاط الولاية ؛ و لكن يحدد لها ضوابط معينة تكفل لها الاستقلالية ، و تكفل لها عدم الاستغلال. إن مثل هذه الأمور لم تكن من الثوابت المتفق عليها بل من المتغيرات و التي كان للإسلام دراية بها ، و أعطى للحاكم فيها مساحة من النظر فيها تقديرا للمصلحة العامة ؛ لكن وفق الفقه الإسلامي اذ يعاضط صاحب القرار العلماء المعتبرون و خصوصا الفقهاء منهم العارفون بالسياسة الشرعية .