الحج شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي الحدث الديني الأهم على مستوى العالم، والذي يحظى باهتمام ومتابعة وشغف مئات الملايين من البشر، وقد تزايد ذلك بفضل التواصل الإعلامي المرئي وسهولة وسرعة نقل المعلومة، وأصبحت كاميرات وشاشات العالم تتجه لهذا الحدث الإسلامي العالمي لما يحمله من تحديات كبيرة تتمثل في حجم الحشود التي يتم التعامل معها في هذه المدة الزمنية القصيرة والمكان المحدود، وفي مختلف مجالات النقل والإسكان والإعاشة والنظافة وتطوير السلوكيات الإنسانية، وتوفير كل ماتحتاجه هذه الحشود من خدمات بأساليب احترافية وجودة عالية، قل أن تجد نظيرها في أي تجمعات عالمية؛ حتى أضحت في مجملها دروسًا مستفادة لطلاب الجامعات والباحثين في كل شؤون الحياة.
ولقد استطاع الإعلام السعودي توثيق وإبراز هذه الجهود والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن بكفاءة عالية، وساهم في التوعية بكل مجالاتها، وحقق انتشارًا عالميًا واسعًا، تأكيدًا وانعكاسًا للجهود الجليلة التي بذلتها المملكة في خدمة الحجيج.
وبكل تأكيد لم يأتِ هذا النجاح من فراغ، بل كان نتيجة النجاحات الكبيرة التي حققتها جميع الجهات والقطاعات العاملة في الميدان، وكانت هي المقومات الأساسية التي ساهمت في نجاح الإعلام، فكل هذه النجاحات التي تحققت والخدمات التي قدمت والجهود التي بذلت كانت تتحدث عن نفسها، وجاء الإعلام مكملًا ومبرزًا هذه الجهود ومكللًا لهذا النجاح.
لقد وجدت وزارة الاعلام مادة دسمة، فاستطاعت بمهنيتها أن تبلور هذه المادة، وأن تحدث نقلة نوعية بصفتها الجهة المسؤولة، من خلال العمل مع شركائها في الجهات الحكومية ووسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ لتنفيذ الخطة الإعلامية الاستراتيجية الشاملة لتغطية موسم الحج، وبالتخطيط المسبق والتعاون وتكامل الجهود والتنسيق؛ حيث دشنت الوزارة مركزًا إعلاميًا موحدًا للجهات الحكومية بالحج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، كأحد برامج ومبادرات تنفيذ الخطة الإعلامية، وقد عمل المركز على نقل وإبراز جهود الأجهزة الحكومية في خدمة ضيوف الرحمن وتنسيقها، وتوحيد الرسالة الإعلامية، وخدمة الإعلاميين والصحفيين المحليين والدوليين، كل ذلك أسهم في تحقيق إنجازات ملموسة في تغطية أعمال الحج على المستوى الدولي والإسلامي والوطني.
ونجحت أيضًا الوزارة في تصميم هوية بصرية ولفظية موحدة للحج تحت شعار: “العالم في قلب المملكة”، والتي جاءت تأكيدًا لما يشكله الحج من عناية واهتمام كبيرين من قبل حكومة المملكة العربية السعودية.
وأنتجت الوزارة مئات المواد الإعلامية من خلال خدمات الإعلاميين في بوابة الحج الرقمية التي دشنها معالي وزير الاعلام، تشكل منظومة خدمات إعلامية متعددة ما بين مقاطع فيديو وصور عالية الجودة، ومواد مترجمة وغيرها تشمل قصص إنسانية مصورة وأفلام وأخبار وتقارير، وشاهدنا العديد من هذه المواد والقصص والمقابلات الميدانية مع حجاج بيت الله الحرام والتجارب حول الحج وبرامج المعالم المكانية والزمانية والتاريخية ومواد الأنفوجرافيك وموشن جرافيك، والتي تم إعدادها بواسطة فرق تحريرية وفنية متخصصة من الشباب السعوديين الأكفاء وذوي الخبرة والدراية، وبلغات متعددة كالعربية، والإنجليزية، والأوردو، والملاوية، والفرنسية، والألمانية، والصينية، والإسبانية، واليابانية، والكورية، والتركية، وغيرها.. وصلت من خلالها إلى جميع الدول وحققت نسب عالية من المشاهدات حول العالم، إلى جانب التنسيق مع الوفود الإعلامية الدولية، واستضافت أكثر من (220) إعلاميًا من 28 دولة، وتجهيز حوالي (4200) مادة إعلامية، ومنح التأشيرات من خلال سفارات المملكة بالخارج للإعلاميين والتصريح لوكالات الأنباء العالمية والأجنبية لتغطية موسم الحج.
لقد استطاع الإعلام السعودي بكل مكوناته، التفوق على الواقع، وجاء هذا التفوق أولًا بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بسمو الرسالة الإعلامية والهدف النبيل، وكذلك بفضل الجهود الكبيرة التي بذلت والعمل الدؤوب والمستند على حقائق قوية وواضحة والمهنية العالية التي تم التعامل بها مع الحدث؛ حيث اتسم الأداء المهني للإعلام السعودي بسرعة مجاراة الأحداث أولًا بأول والموضوعية، والاعتماد على المعلومات الصحيحة من مصادرها الموثوقة والرأي المتوازن والواقعي.
الحقيقة أن أداء الإعلام السعودي كان مذهلًا للجميع بما يمتلكه من مقومات قوية وكوادر مهنية عالية، تحية إجلال لهذه الجهود المباركة التي نفخر بها وبأدائها الإعلامي المميز.