أكمل ضيوف الرحمن حجهم المبرور -بإذن الله- وسعيهم المشكور، واكتملت فرحتهم بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، ومنذ الوهلة الأولى ومنذ أن وطأت أقدامهم على هذه الأرض الطاهرة؛ حيث نالوا شرف المكان والزمان، وهم في رعاية وعناية كبيرتين من المولى سبحانه ثم من لدن خادم الحرمين الشريفين، الذي أولى جل اهتمامه لضيوف الرحمن؛ حيث أصدر توجيهاته الكريمة لكل القطاعات متمثلة في إمارة منطقة مكة المكرمة، ووزارة الحج والعمرة، وجميع القطاعات سواء الصحيه منها أو الإرشادية كعمل ميداني موحد، حيث تشهد المملكة أكبر تجمع دينيًا عظيمًا يتمثّل في موسم الحج، نالت بدورها بلدنا الغالية من خلاله مركزية عالمية، لاسيما البلد الأمين تألقت لتحظى بشرف المكان والزمان، ركن شرعه الله أكثر من أربعة عشر قرنًا، وجعل له منهجًا وقواعد منها الأركان والواجبات، جسده العليم الحكيم من منطلق مبدأ “إن أكرمكم عندالله أتقاكم”، وأنّ هذا الدين هو دين السلام ورسالة حب للعالم قاطبة، فظاهرة الحج تجمع كلمة المسلمين وتوحد شملهم؛ حيث يلتقون على صعيد واحد تجمعهم وحدة العقيدة التي تنبع منها وحدة الدين والدم والأخوة، لافرق بين أعجمي ولا عربي، تكسر من خلاله اختلاف الألوان واللغات، وتنوع اللهجات والتقوى هو ميزان الإنسانية صورة رائعة، تمثل أضخم تجمعًا إسلاميًا استجابة لدعوة ونداء أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام بالحج، لقوله تعالى(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يلبون النداء طائعين راجين رحمة ربهم، وهاهم اليوم يكملون نسكهم بيسر وسهولة وأمن وأمان، قلوبهم وألسنتهم تلهج بالدعاء لقادة هذه البلد العظيمة لما لمسوه من خدمات جمة سواء على مستوى الاستقبال أو الخدمات الأخرى، مئات الفرق الكشفية والتطوعية في جميع القطاعات ضمن تفعيل الشراكة المجتمعية، الكل يسعى ومازال لخدمة ضيوف الرحمن في كل جزء من أجزاء المشاعر المقدسة وغيرها، لاتلتفت هنا أو هناك إلا والجميع في خدمة حجيج بيت الله الحرام، فطوبى للجميع، خطط مدروسة من قبل المرور لتنظيم السير؛ إضافة إلى الدفاع المدني في حشد الجهود لخدمة ضيوف الرحمن، وتغطيات إعلامية متمثلة في أبرز وكالات الإعلام العالمية للتغطية لهذا الركن العظيم الذي يمثل حدثًا إسلاميًا هامًا، ملحمة إسلامية دينية تجسد أقوى معاني الرحمة والإنسانية؛ متجسدة في خطبة الوداع تلك الخطبة التي كتبت بمداد من الذهب؛ حيث جسّد خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا “محمد صلى الله عليه وسلم” وصحبه وآله الطيبين، أروع معاني الإنسانية؛ حيث أوصى عليه الصلاة السلام من خلالها بحرمة الدماء والأعراض، وحرمها بحرمة هذا اليوم العظيم، كما أوصى بالنساء خيرًا؛ ليصل هذا النداء والوصية الخالدة لأكثر من 14 قرنًا تنعكس من خلاله حقوق الإنسان ماله وما عليه من غير إفراط ولا تفريط؛ حيث نبذ الإسلام كل صور التفرق أو شق عصا الطاعة، ومفارقة الجماعة حفاظًا على الجسد العربي والإسلامي.
الحج يجسد أكبر ظاهرة اتحاد ووحدة وتكاتف لهذه الأمة المحمدية، تتكرر صورة الحج الأكبر كل عام لتحمل رسالة الإسلام للعالم بأسره، رسالة السلام وأنه رسالة حب وأمن للعالم، أكثر من مليونين حاج في مكان وزمن واحد يتشاركون بقلوبهم وألسنتهم تليية لله لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك…. مجتمعين حبًا في الله ورغبة برحمته، واليوم هاهي الدولة السعودية كعادتها ومنذ قيامها، وهي تقوم جاهدة لخدمة ضيوف الرحمن من رفادة وسقاية وغيرها، كيف لا والله يعلم حيث يضع رسالته؛ إضافة إلى المشهد الذي يتحدث لتلك المشاريع الجبارة والنهضة العمرانية التي تعيشها المدينتان المقدستان بفضل رب العزة والجلالة، ثم انعكاسًا يمثل رؤية باتت تتخطى مرحلة التخطيط والتصميم إلى مرحلة التنفيذ، بارك الله لهذا الوطن قادته ورجالاته الذين طالما سعوا لكل ما فيه خدمة الحجيج وحملوا رسالة استحقوا حملها، فهم على قدر تلك المسؤولية والبذل والعطاء لاينتظرون جزاء ولاشكور، غايتهم رضاء الله سبحانه وخدمة أمتهم سدد الله خطاهم وجمع ووحد كلمتهم….
فهنيئًا لك يا خادم الحرمين وكل عام وأنت بألف خير يا والدي الحبيب وولي عهدك الأمين حفظكما الله، وهنيئًا لكما على هذا الشرف العظيم.
بوركت يا موطني فقد نلت الشرف عبر العصور والأزمنة، ولاح سنا نور عزك عبر كل المحافل الدولية منها والإسلامية والعربية، حمى الله حجاج بيت الله الحرام، ونسأل الله لهم عودًا حميدًا لأوطانهم سالمين غانمين، وكل عام وأمة الإسلام بألف خير تغمرهم الرحمة أينما حلوا وكانوا، ستظل بلاد الحرمين مهبط الرسالة المحمدية ومأوى أفئدة المسلمين، وقبلة تجمعهم كالبنيان المرصوص لخير أمة أخرجت للناس…..
كاتبة وباحثة حقوقية