في دنيا تُفرق ولاتَجمع، في دنيا عنوانها البعيد الذي لايُقرأ “الرحيل المؤكد”. يعيش الإنسان في كَبدِها وعلى أمل مستمر في الحصول على السعادة الزائفة. على الرغم من كثرة عناها. وعلى الرغم من كدرها المتزايد أكثر من أي وقت مضى..! وفي لحظات خاطفة بدون أي موعد إنذار، وبدون أي آلام تذكر أبدا. وبلا تفاصيل طويلة لمقدمات مرهقة. وبلا أحداث مؤلمة، ولكن على دعوات أم صادقة في حبها، وعلى كلمات واضحة على شوقها.وعلى عبارات مرتجفة من جوفها.. “أستودعك الله يافارس.. أستودعك الله يافارس”وإن كانت بخوف غريب، وإن كانت بدهشة نادرة فسرت معانيها لاحقا ..!! رحل الشاب الباسم فارس بكل هدوء بعد أن كان الرضى الدائم في حياته آخر صفحة تُقرأ، وأجمل حروف البر تُسطر. في طريق آخر إتجاه الذهاب فيه لابد من أن يكون مفردا.
رحيلك يافارس فجأة.. فاجعة أوقفت ساعات طويلة أنفاسنا، وصدمة كبيرة أثقلت صدورنا، ومفاجأة أرهقت مسامعنا، ومصيبة أتعبت مداركنا،تسارعت فيها دموعونا للانهمار. وأحاسيسنا ومشاعرنا مازالت حتى مابعد حلول الحقيقة تتألم لفراقك.ولكننا في النهاية وهذا حال البشر لابد أن نسلم كل أمرنا من حزن، وألم، وبكاء، وفراق له وحده سبحانه. والصبر كما قال الحبيب وفيما معناه:( إنما الصبر عند الصدمة الأولى) فإنا لله وإنا إليه راجعون نقولها في الأول، والآخر. وعزاؤنا فيك يا فارس وماخفف مصابنا أنك رحلت في ليلة من الليال العشر، في ليالي الشكر،والحمد، والتكبير، والتهليل، والتسبيح، وفي صلاة دعى لك فيها يافارس مئات الآلاف من المسلمين في بيت الله الحرام وهم في مناسبة عظيمة تصادفت بفضل الله تعالى مع رحيلك إلى أكرم الأكرمين.
إن من المؤلم حقيقة على الوالدين رحيل ابن بجمال فارس،و بجمال خلق فارس،و بجمال أدب فارس. بل هو مؤلم لكل من عرفه من القريب، والبعيد على حد سواء . ولكن من الجميل للإنسان أي إنسان مسلم أن يرحل وله والدين صالحين مازالا على قيد هذه الحياة الفانية يدعوان له ليل نهار بالمغفرة، والرحمة،والتوبة، وبالفردوس الأعلى من الجنة مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم . وفراقك حكمة لاندرك تفاصيلها ، وغيب لاندرك حدود أحداثه، ولا ندرك واسع معانيه. والمؤمن مطالب أن يؤمن بالغيب، وأن يؤمن بالقدر خيره، وشره والحمد لله على كل حال. فكل إنسان له كتاب معلوم فيه ولادته متى تكون، ورزقه كيف يصير، وكيف يستوفيه لآخر لحظة، وأجله متى يحل وفي أي أرض كانت. ورحمك المولى عز وجل أيها الابن المبارك فارس.
إنا لله وإنا إليه لراجعون رحمك الله ياأخي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ)
غفر الله له ورحمه وأسكنه فسيح جناته وجميع موتى المسلمين والمسلمات.
نسأل الله العظم له المغفرة والرحمة ولوالديه الصبر والثبات