المقالات

من شمال باريس إلى قلب مكة

مكة المكرمة بذكرها يهتز الكون طربًا واستبشارًا، مهبط الوحي الإلهي على أشرف الخلق مبشرًا ونذيرًا.

بلد تشتاق النفوس إليه، والوجوه تتوجه في الصلوات إليه، أسكن الله فيه خليله، وعهد إليه ببناء البيت؛ ليفد إليه من أراد الطواف والاعتكاف والركوع والسجود.

وصفها النبي صلى الله عليه وسلم عند الهجرة بقوله (يامكة: إنك لخير بقعة علي في الأرض، ولولا أن قومي أخرجوني منك ماخرجت).

إذا كان هذا هو حال مكة في نفوس الكل، فإن الله جعل لعباده مواسم خير للتقرب إليه لنيل محبته ورضاه، ومن أعظم وأجل المواسم هو موسم الحج، الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام.
إنه لمن أسعد لحظات الإنسان أن يرزقه الله قرينًا صالحًا حسنًا للتعاون في الخير، وللعمل بما يحقق السعادة في الدنيا والآخرة.

فمن هذا المنطلق قضت الحكمة الإلهية بأن أكون ممن تجمعهم الأخوة والصداقة مع غيري لخدمة ديننا الحنيف من خلال التواصل بوسائل الإعلام المختلفة.

فمن الوسائل الإعلامية التي اشتاقت نفسي إليها لما تتضمنه من المادة الإعلامية الهادفة صحيفة مكة الإلكترونية، تلك الصحيفة التي اختارت بلد الله الحرام ليكون اسم الصحيفة.
فرئيس تحريرها الإعلامي الفاضل الأستاذ عبد الله الزهراني -حفظه الله – من جمع بين العلم والحكمة، وتحمل المسؤولية في ترتيب وتهذيب الصحيفة.

تعاملت معه كاتبًا من كتّاب الصحيفة بمقالات متواضعة، حرصه الشديد على النشر دأبه، لأنه يؤمن بالتعددية الفكرية، فمادام الأمر كذلك أخذ من القريب والبعيد.
فكنت من البعيد حيث لم نلتقِ بالأبدان، وإنما التقينا بالأرواح من خلال الفكرة وحسن الضمير.

فمما زاد الله تشريفًا وتعظيمًا للمملكة العربية السعودية أن قيض لها قيادة رشيدة حكيمة منذ المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله تسعى جاهدة لخدمة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا أمر جلي لايخفى على أحد إلا من كان جاحدًا كفارًا.

ومن خدمة الإسلام الحج، من حيث تهيئة المشاعر المقدسة، واستقبال الحجيج بتسيير وتسهيل سبل راحتهم ليقوموا بأداء شعيرة الحج تحت جو الأمن والأمان.
إن من فضل الله على عباده أن القيادة السعودية من ضمن برامجها الدينية برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، فما من بلد من بلدان العالم إلا وله حظ في البرنامج للاستفادة منه، وذلك باختيار النماذج الصالحة للحج أو العمرة على نفقة خادم الحرمين الشريفين.

ففي هذا العام وفقني الله بأن كنت من الضيوف، وفي أثناء زيارتنا للمركز الوطني للعمليات الأمنية الموحدة 911 في مكة المكرمة بحضور الإعلاميين لتغطية الزيارة فإذا بالأستاذ المحترم الأخ الوفي عبد الله الزهراني رئيس تحرير صحيفة مكة الإلكترونية يفاجئني بمصافحتي ومعانقتي قائلًا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ! فرددت السلام، فقال أنا أخوك عبدالله الزهراني من مكة المكرمة، وأخذني الفرح متذكرًا قول الله تعالى: (وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) .وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لاظل إلا ظله(رجلان تحابا في الله واجتمعا عليه وتفرقا عليه).
فهاهي السعودية بجهودها تجمع بين الأحباب، وتجعل القلوب تلتقي مع الأبدان بعد طول البعد.

فما أجمل الثقافة ! الثقافة تجمعنا بعد الدين، عنصران أساسيان في الحياة كانا سببًا للتواصل والتعارف وهما القلم والقراءة، عبدالله الزهراني عرفني من خلال الكتابة، ولكنه رآني بمبادرة من القيادة السعودية خلال برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، وبتنفيذ من معالي الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.

إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي

شمال باريس في فرنسا

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button