المقالات

التاريخ الهجري

كانت القبائل العربية قبل الإسلام تستخدم السنة القمرية، وكان بها اثنى عشر شهرًا، ومنها أربعة أشهر حرم يُمنع فيها القتال، ويقيمون فيها أسواقهم كسوق عكاظ، ويحجون إلى الكعبة، ويسافرون آمنين من قطاع الطرق، وكانت تسمى الأشهر حسب ظروف كل قبيلة فلكل قبيلة أسماء محددة للأشهر، واجتمع سادة العرب في زمن جد الرسول محمد صلى عليه وسلم الخامس؛ لتوحيد أسماء الأشهر، وسميت نسبة للأحداث وأيضًا لتقلبات الفصول والمناخ، واستمرت على ذلك حتى عصرنا الحالي.

تضبط الأشهر من رؤية الهلال إلى رؤيته مرة أخرى، وحددت الأشهر بين العرب؛ ليسهل تحديد الحج وترتيباته، وكان هنالك تقويم آخر يعتمد على الأحداث فيسمى كل عام بما فيه من أحداث هامة مثل عام الفيل الذي ولد فيه الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وحرب الفجار التي استمرت أربعة سنين، وسميت بهذا الاسم لأن العرب فجروا فيها وتقاتلوا في الأشهر الحرم.

ورغم اعتمادهم على شهور السنة القمرية إلا أنهم لم يعتمدوا التقويم ليؤرخوا به الأحداث، بل اعتمدوا على الحوادث التاريخية المهمة في تحديد الأعوام وحتى في زمن بداية الإسلام.

وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تصله عدة مكاتبات من الأمراء والعمال في أوقات مختلفة تختلف باختلاف طول المسير فلا يعلم في أي وقت كتبت، فبدأ عمر بن الخطاب في التشاور مع الصحابة رضوان الله عليهم؛ لتحديد تاريخ يعتمد عليه فأجمعوا على أن يكون التاريخ من هجرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لأنه معلوم لديهم اليوم والشهر، والهجرة كانت حدثًا كبيرًا وهامًا للمسلمين واعتمد التقويم القمري، وسمي بالتاريخ الهجري نسبة لهجرة خير البشر، واختير التقويم القمرى لأمر الله عز وجل فى القرآن قوله تعالى بسورة التوبة: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)، وحديث الرسول عليه أفضل السلام
“صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”.

فكان عمر بن الخطاب أول من أرّخ بالتقويم الهجري في السنة السابعة من الهجرة، واختار شهر محرم أول السنة الهجرية بعد انتهاء الحجاج من حجهم.

والسنة الهجرية بها ٣٥٤ يومًا لوجود أشهر ٢٩ يومًا، وأخرى ٣٠يومًا وتعد السنة الهجرية أقصر من الميلادية ب ١١ يومًا، وبسبب هذا الفرق كان بالجاهلية شهر النسيء يستخدمونه نهاية السنة أو كل ثلاث سنوات وقبيل الفصول الأربعة حتى لاتتعارض مع مسمياتهم وتظل السنة القمرية والميلادية لاتتغير عن بعض ولاتختلف عليهم مناسباتهم السنوية واستخدم هذا الشهر للتلاعب بالأشهر الحرم فكان يستخدمونه للتقديم أو للتأخير بالغزوات حتى أتى قول الله تعالى: (إنما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) التوبة.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button