عفى وصفح خويتم الحارثي عن قاتل إبنه في اليوم التالي للحادثة ، وتجسيداً لموقفه النبيل رغم المُصاب الجلل الذي حلّ به حين فقد فيه فلذة كبده ، أعطت هذه المبادرة الإنسانية درساً في الأخلاق والتسامح لتجار الديات ومرتزقة الرقاب ومصاصي الدماء وقطط الصحون ومن يقتاتوا على بقايا الموائد !
لأنهم يجرّون ” بشوتهم ” التي اهترئت وتغير لونها من كثرة الموائد والمداولات دون النظر إلى الجوانب النفسية والاجتماعية والروحية لأهل القتيل والقاتل ، هدفهم الأسمى ليس عتق رقبة المكلوم الذي يقبع خلف القضبان بل المساومة على نصيب الأسد من تحت الطاولة إلا من رحم ربي !!
هذه المداولات اللانسانية بين أهل القتيل والقاتل ” والوسطاء المحترمين ” جعلت المجتمع في حيرة من أمره من ارتفاع سقف المطالب والمبالغ المطلوبة.
” خويتم ” بل ” خاتماً ” أو ” حاتماً ” لأنه قطع الطريق أمام هؤلاء المرتزقة بسرعة عفوه وكرمه دون مساومة ، ” وحَب خشوم”
المشاجرة وقعت في صرح تعليمي لأطفال في مقتبل العمر لكم أن تتخيلوا حجم الخوف والوجل الذي اعترى الطالب القاتل والألم النفسي الذي لحق به ..
مبادرة خويتم والد المقتول كان لها أثرها النفسي على ذلك الصبي الذي لا يعرف لماذا قتل وكيف أصبح قاتل ؟ ، جاءت في وقتها المناسب لهذا الحدث قبل أن يصبح مريضاً نفسياً ..
وهذا ليس مسوّغ أو مبرراً لما فعله هذا الطالب بزميله ولكن درساً يُحتذى به من سرعة المبادرة في العفو ، ودرساً لإدارات التربية والتعليم باحتواء المشكلات والمشاحنات داخل المدارس ومراقبة سلوك الطلاب قبل أن تتفاقم المشكلات وتتعاظم في نفوسهم ويحدث مالا يُحمد عقباه .
أخصائي نفسي ومستشار علاج الإدمان
كاتب في صحيفة مكة الإلكترونية