من لا يعمل في المدارس كمعلم لا يمكنه فهم المشاكل التي تواجه المعلمين والمعلمات، وهي كثيرة لا يمكن معرفتها إلا من خلال المعلم نفسه.
في لقاء لي مع بعض المعلمات من مدارس حكومية مختلفة تناقشنا في عدة أمور خرجت منها بخلاصة واحدة وهي: إن المعلمين مظلومون.
يُطلب من المعلمين أكثر مما يوفر لهم، يطلب منهم التدريس من خلال المعامل ولا يوجد معامل كافية، يطلب منهم استخدام وسائل تعليمية مثل السبورة الذكية (Smart Board) ولا يوجد وسائل تعليمية في المدارس أو يوجد وسائل ولكنها لا تعمل، يطلب من المعلم استخدام البروجيكتور ولا يوفر له البروجيكتور بل والكارثة يطلب من كل معلم توفير البروجيكتور الخاص به.. أضف إلى ذلك الصيانة غير الجيدة للمكيفات في الفصول وفي أمور أخرى.
بعد حديثي معهن خرجت، وأنا أجد العذر لمعلمات ابنتي. أجد العذر لعدم الابتسام، والعذر لعدم التفاعل، والعذر للقسوة، والعذر لعدم الرغبة في العطاء أو مجرد التفكير فيه.
كنت قبل حديثي هذا مع المعلمات، ألوم معلمات ابنتي ومديرة مدرستها على طريقة التعامل والتعامل مع الأمور والمشاكل. ولكن الآن نظرتي اختلفت، فكيف نطالبهم بأمور وطريقة وأسلوب ولم توفر لهم الأدوات اللازمة لتنفيذ ما يطلب.. بل وأيضًا يجبرون على الدفع والشراء من حسابهم الخاص لتوفير الأدوات للطلاب..
في الحقيقة أحسست بظلم كبير يقع على المعلمين، فهم بين إدارة مدرسة لا تقوى على المحاربة من أجلهم ومنطقة تعليمية لا ترفع رأيهم ومطالبهم إلى الوزارة بشكل سليم، ووزارة تسن قوانين وتصريحات تتعثر في الوصول إلى المعلم أو تصله بدون دعم التنفيذ، وأهالي يرون تقصير المعلم قبل عطائه، ينظرون إلى راتبه وإجازته الصيفية، ولا ينظرون لما يبذله من مجهود وعناء ومطالبات طوال العام الدراسي.
هناك قاعدة عامة تقول: (إن أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع)، ولتأمر وزارة التعليم وتطاع يجب أن توفر عدة أمور وهي:
– مشاركة المعلم في الخطط، وأخذ رأيهم وقد يكون من خلال موقع إليكتروني مرتبط بوزارة التعليم مباشرة يعطي الحق لكل معلم بإبدأ الرأي والاقتراح، والتقييم للخطط وللإدارة التعليمية الخاضع لها.
– إشراك أهالي الطلاب وأخذ رأيهم، وقد يكون أيضًا من خلال موقع إليكتروني مرتبطًا بوزارة التعليم مباشرة يعطي الحق للأهالي بإبداء الرأي والاقتراح والتقييم. ولا يعني ذلك أن يفتح الباب للتطاول على المعلمين من خلال الموقع الإلكتروني، فعلى وزارة التعليم أن تحافظ على مكانة المعلم وتفرض احترامه على الجميع الطلاب والأهالي.
– توفير الأدوات اللازمة للمعلمين من بروجكتور وسمارت بورد وجهاز حاسب آلي … الخ.
– مع الانتقال إلى زمن التقنية فإنه يلزم توفير متطلباتها، فيجب أن تفتح وظائف في كل مدرسة تشمل فني تشغيل أجهزة حاسب آلي، ويعين فيها العدد المناسب لحجم المدرسة وعدد الطلاب والأجهزة بها.
– فرض عملية تدوير بين معلمين المدارس الخاصة والحكومية بمعنى أن يتم إرسال معلمين من المدارس الخاص للعمل في المدارس الحكومية لمدة محددة قد تكون ترمًا أو عامًا دراسيًا. وكذلك يشجع مدراء المدارس في المدارس الخاصة والحكومية بالتواصل والتفاعل وحضور حفلات نهاية العام الدراسي، اليوم الوطني، الجنادرية … الخ من المناسبات والهدف الاطلاع على الأفكار الجديدة ومواكبة المستجدات، ولكي لا تنعزل المدارس الحكومية عن المدارس الخاصة، وتتسع الهوة بينهم لصالح القطاع الخاص.
المعلم يحتاج إلى ثلاثة أشياء رئيسه ليعطي بكامل ما لديه فهو يحتاح:
1- المسمى والارتقاء فيه لتجنب الملل، وقد ذكرت ذلك بتفصيل أكثر في مقالٍ سابق
2- راتب يتناسب مع ما يبذل من مجهود ويتماشى مع المستوى الوظيفي لكل معلم.
3- أدوات العمل كاملة من وسائل تعليمية وأجهزة وأدوات.
4- التدريب لتطوير مهارات العلمين بشكل مستمر.
وزارة التعليم تضع الخطط الاستراتيجية والمبادرات التي تكفل تطوير المهنة بشكل جيد، ولكن لا زال هناك لدى المعلمون والمعلمات تخوف من هذه الأفكار والمبادرات .. ولا حظت أن الخوف سببه الشك في آلية التنفيذ. فبين وزارة التعليم والمعلم عدد من الأبواب لابد أن يمر منها القرار أو الخطط وقد لا تصل للمعلم بنفس جودة الإخراج المرغوبة من قبل الوزارة.
الدولة رصدت ميزانية ضخمة للتعليم، وزارة التعليم تبذل جهدًا عظيمًا في التحسين والتطوير. إلا أن وضع الخطط وحده لن يحقق النجاح فتنفيذ هذه الخطط ومراقبتها بهدف التحسين وليس العقاب لا يقل أهمية عن التخطيط، وإنما هي دائرة عمل تبدأ عادة بتحليل الوضع الحالي، فالتخطيط، ثم التنفيذ، والمراقبة. ولكل مرحلة أدواتها وآلياتها التي تضمن أكبر قدر ممكن من النجاح.
تحية للمعلم