د. عبدالله العساف

السعوديون.. همم .. وقمم.. تعانق السحاب

“هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك”.. بهذه الكلمات رسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الإطار العام لاستراتيجية المستقبل، الأمم العظيمة تصنع المستقبل ولا تنتظره، والرؤية السعودية 2030 صنعها مهندسها من أجل تحقيق مرتكزات ثلاث؛ وطن طموح، ومجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر.

وهذا هو المنهج الذي اختارت بلادنا المضي فيه منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – ومنذ اليوم الأول لإعلان توحيد هذه البلاد دخلت في سباق مع الزمن، وتغلبت على كافة الصعوبات والتحديات لتقف حيث هي الآن جنبًا إلى جنب مع الدول الكبرى وفي مختلف مجالات الحياة.

وقد جرت العادة في أغلب دول العالم على الاحتفال بالوطن، وتخصيص يوم يحمل دلالات خاصة ومناسبة عظيمة ليكون يومًا للوطن، ونحن نحتفل في كل عام بيومنا الوطني لتوحيدها في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، وبعد صدور المرسوم الملكي بتسمية بلادنا باسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932 يومًا لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.

   ولم يكن توحيد هذه البلاد أمرًا سهلًا، بل كان عملًا مضنيًا استغرق ثلاثين عامًا من الكفاح، على يد المؤسس رحمه الله، الذي لم يتوقف عند هذا العمل الجليل، بل توجه فورًا إلى حجز موقع ريادي لدولته بين الأمم، من خلال مشاريع مهمة منها التوطين والتعليم، الذين كانا الركيزة الأولى لتحقيق الحلم الكبير.

وفي هذا اليوم من كل عام تعم مظاهر الفرح والبهجة والسرور عامة أرجاء وطننا العزيز، يشارك فيها أبناؤه صغارًا وكبارًا، رجالًا ونساء للتعبير عن حبهم لوطنهم، وتذكر رجاله المخلصين الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الكيان العظيم، فهو يوم محفور في ذاكرة الوطن، يوم التحول من الفرقة إلى الاجتماع، ومن التناحر إلى التصالح، فعم الأمن والأمان وتفرغ الوطن للبناء والتعمير؛ فشيدت المدارس والجامعات والمستشفيات والوزارات والمصانع والمصالح الحكومية لخدمة الموطن وتسهيل حياته.

واليوم بفضل الله يطل علينا يومنا الوطني التاسع والثمانون والعالم يتُخطف من حولنا حروب وصراعات وأفكار تهدم ولا تبني، فيجدر بنا استثمار هذه المناسبة لتعزيز الوحدة الوطنية، وتنمية حب الولاء والانتماء لهذا الوطن لدى النشء؛ خاصة وبيان أن حب الوطن يكون بخدمته في شتى المجالات وبتطوير أنفسهم بالعلم والمعرفة للمساهمة في تكملة المسيرة، حب الوطن في الدفاع عنه بالكلمة والروح، حب الوطن بمحاربة التيارات الفكرية المنحرفة، وعدم تبني أفكارها والحذر منها، حب الوطن في الحفاظ على المكتسبات والمنجزات، حب الوطن أن نكون رجال أمنه.

حب الوطن أن نحب ترابه وجباله وسهوله، وليس بالضرورة أن يكون الوطن حديقة غناء وارافة الظلال حتى نهيم فيه حبًا وعشقًا، حب الوطن أن نسعى لخدمته في شتى المجالات، وتقديم مصلحته على المصلحة الخاصة، حب الوطن في إخلاصنا في عملنا، واجتهادنا في دراستنا، في محاربة الفساد، حب الوطن في وحدتنا وتلاحمنا، حتى نحقق للوطن المكانة اللائقة به، جغرافيًا، وتاريخيًا واقتصاديًا، وسياسيًا واجتماعيًا.

وقفة:

ألا يحق لنا أن نفخر ونفاخر بهذا الوطن العظيم، الذي استطاع في فترة وجيزة أن يصبح صاحب كلمة وموقف في المحافل الإقليمية والدولية.. الوطن الذي يبادر ويزرع السلام، ويعقد الصلح بين الدول المتخاصمة الوطن الذي قطع أبناؤه شوطًا طويلاً في المجالات العلمية والعملية والإبداعية، ألا يستحق يومًا نحتفي به؟ ويشاركنا العالم فرحنا والاطلاع على منجزاتنا؟ بلى يستحق أن تكون كل أيامنا للوطن، ومن أجل الوطن وللتغني بحب الوطن ومجده.

بلادي هواها في لساني وفي دمي،   يمجدُها قلبي، ويدعو لها فمي.

ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ،
ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم

ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها
يكن حيوانًا فوقه كل أعجمِ.

                   كل عام والوطن وأهله بألف خير

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button