المقالات

تحول شركات أرباب الطوائف بين القلق والحصافة

صدر مؤخرًا التنظيم الجديد لمؤسسات أرباب الطوائف الذي جعلها تخدم ضيوف الرحمن من خلال شركات أرباب الطوائف المساهمة المقفلة، وشركات المساندة المساهمة المقفلة، وشركات تقديم الخدمات المساهمة المقفلة، والذي سمح أيضًا لمؤسسات أرباب الطوائف بعد تحولها إلى شركات مساهمة بالاستثمار (من خلال شركات مساهمة استثمارية متعددة ومتنوعة) في مجالات استثمارية لا محدودة وغير مسبوقة.

قد يعتقد بعض الحكماء والعلماء والخبراء والمختصين – وهم على حق ـ أن من أهم التحديات التي تواجه هذا التنظيم الجديد ما يلي:
1. دراسة آثار تطبيق “معايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات الدولية المتعارف عليها والمقبولة قبولًا عامًا” غير المطبقة حاليًا بشكل احترافي في مؤسسات أرباب الطوائف على شركات أرباب الطوائف وشركاتها المساهمة المقفلة المزمع إنشاؤها.

2. دراسة أثر تطبيق “أساس الاستحقاق المحاسبي” على كافة شركات أرباب الطوائف بدلًا عن “الأساس النقدي المحاسبي المعدل” المطبق حاليًا في بعض مؤسسات أرباب الطوائف.

3. دراسة أثر تغيير آلية تقديم الخدمات إلى حجاج بيت الحرام على صافي دخل شركات أرباب الطوائف المزمع إنشاؤها.

4. دراسة أثر التكاليف المالية للتحول من مؤسسات أرباب طوائف إلى شركات أرباب طوائف على صافي الدخل القابل للتوزيع على مساهمي شركات أرباب الطوائف المزمع إنشاؤها.

5. دراسة الآثار الإدارية والاجتماعية والأخلاقية للتحول من مؤسسات أرباب طوائف إلى شركات أرباب طوائف على موظفي مؤسسات أرباب الطوائف الحاليين.

6. دراسة مدى حاجة موظفي مؤسسات أرباب الطوائف الحاليين إلى التدريب والتأهيل على العمل وفق مفهوم نظام الشركات المساهمة.

7. دراسة قدرة “المطوفين” بفئاتهم السنية والجنسية المختلفة، والذين أصبحوا “مساهمين” على التوفيق بين (1) ما تعودوا على تقديمه، وتخصصوا فيه لعقود من الزمان و(2) ما هو مطلوب منهم وفقًا للتنظيم الجديد الذي يستلزم بالضرورة آليات خدمات معاصرة ونظريات إدارية مختلفة عما هو سائد حاليًا واستثمارات متنوعة وغير مسبوقة لعل بعضها لم ينتمِ إلى خدمة ضيوف الرحمن نهائيًا.

8. دراسة القدرة على توفير وتجهيز ـ في زمن قياسي قصير لا يتجاوز التسعين يومًا ـ المستلزمات الإدارية والمالية والقانونية التي تحتاجها الشركات المساهمة بأنواعها الثلاث (أرباب طوائف ومساندة وخدمات) عند تأسيسها، والتي قد لا تكون متوافرة حاليًا في مؤسسات أرباب الطوائف مثل النظام المالي والإجراءات المحاسبية المتوافقة مع المعايير الدولية، وكذلك مثل بعض الوظائف والأقسام الإدارية كالتخطيط والشئون القانونية والمراجعة الداخلية والرقابة المالية.

9. دراسة مدى توافر ـ أو القدرة على توفير ـ العدد الكافي من المساهمين والكوادر البشرية المؤهلة والمدربة والمتعلمة والخبيرة في فترة زمنية قصيرة لقيادة الشركات المساهمة العديدة والمتنوعة المزمع إنشاؤها في فترة زمنية قصيرة.

10. استكشاف ودراسة أوجه الاستثمار الإستراتيجي التي يمكن لشركات أرباب الطوائف الاستثمار فيها ومن خلالها.

حقيقة قد تكون هذه الأمثلة العشر أعلاه وغيرها التي لا يتسع المقام لذكرها هنا هي بمثابة أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه التنظيم الجديد “لمزودي خدمات حجاج الخارج”، ومع ذلك أكاد أدعي جازمًا أن التحدي الأكبر الذي يواجه التنظيم الجديد هو التعامل بذكاء وحنكة مع “العقول القلقة” التي تؤمن أن أي تنظيم يخالف رأيها وغير مبني على معطياتها هو تنظيم خاطئ وظالم وغامض سيحرق الماضي، وسيدمر الحاضر وسيهلك القادم.

هذه “العقول القلقة” التي لا تؤمن أن غيرها قادر على تصميم أنظمة قد تكون ناجحة بل وأكثر نفعًا وملاءمة، قد تخلق تيارًا مقاومًا يعيق أو يؤخر تطبيق التنظيم الجديد بسلاسة وسهولة؛ وذلك من خلال بث المخاوف غير المنطقية وإثارة بعض الشبهات غير المدعمة بالأدلة والبراهين عند المساهمين أو إشغال السلطات المختصة بأوهام وأحلام ومخاوف لا أساس علمي لها، ولا منطق سليم يدعمها بحجة النقد الهادف والتطوير.

في اعتقادي أنه من غير المناسب مقاومة التطوير وإعاقة تطبيقه ليس لسبب إلا لأنه غير نابع ولا مستنبط من “العقول القلقة”.

في اعتقادي أنه ليس من العيب، بل من الحصافة إعطاء الفرصة لأي تنظيم جديد حتى وإن كان يخالف بعض آرائنا ليثبت صحته. في اعتقادي كذلك أنه من الحصافة والحكمة المساعدة، والعمل بإخلاص لتطبيق التنظيم الجديد، ثم بعد ذلك العمل يدًا بيد مع ولي الأمر والمسؤولين على إصلاح الخلل وتفادي القصور، ومن ثم التطوير بما يتوافق مع الصالح العام وأحدث النظريات العلمية والأفكار الخلاقة التي تلائم الزمان والمكان.

باختصار .. أعتقد أنه يمكنني القول بأنه لا يليق بالحكماء ولا بالعلماء ولا بالمختصين ولا بالخبراء مناقشة تنظيم جديد صدر بحقه بعد دراسة مستفيضة مرسوم ملكي من ولي الأمر وقرار من مجلس الوزراء الموقر ولائحة من وزير مؤتمن ورجالات وزارة أخلصوا في اجتهادهم. ولكن إن كانوا صادقين في نواياهم فإنه يمكنهم العمل بإخلاص ووفاء لتنفيذ دراسات علمية تناقش، وتقدم الحلول العلمية لأهم المعوقات العلمية التي تواجه تطبيق التنظيم الجديد، وكذلك العمل على تطبيق التنظيم الجديد بكل سهولة وبدون مخاوف فكرية لا أساس لها، ثم بعد ذلك يمكنهم الاجتماع لتدارس المزايا والعيوب واستكشاف أفضل النظريات والأسس العلمية والآليات الميدانية لتطوير وتعديل التنظيم الجديد.

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز
قسم المحاسبة

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button