اللبيب بالإشارة يفهم
كلامك بين الناس إما أن يحسب لك أو يحسب عليك؛ فإن لم تكن الكلمة تخرج القول المناسب للمقام المناسب فرب كلمة قتلت صاحبها، ورب كلمة خلّدت اسم قائلها.
فكلامك له قيود ومواصفات عليك الالتزام بها لتسلم من نقد المجتمع.
وكلامك بين الناس محسوب، فإذا قلت فأَحسِن وإلا فالصمت أحسَن، وللأسف البعض يلقي الكلام كيفما اتفق ولايبالي بعواقب ماقاله سواء في لحظة حماس أو انفعال أو حتي إثبات وجود.
او محاولة أن يستأثر بالحديث عن بقية الحضور، وجل حديثه عن نفسه لم يراعِ مشاعر الآخرين، شديد الحرص على إبداء الرأي في أي قضية، حتى وإن كانت خارج اختصاصه. والأدهى والأمر أنه لا يقدر الموقف كما يجب ولا يقدر للناس مقاماتهم كما يجب بل يتعدى ذلك إلى الاستخفاف بالآخرين، بكثرة ترديد الكذب والوقيعة بين الناس، بإشاعة الكره والبغضاء بينهم، في حين يستخف بأقوال الآخرين بالمقاطعة، أو بعدم الإصغاء، ومن القول المأثور«إياك وفضول الكلام، فإنه يظهر من عيوبك ما بطن، ويحرك من عدوك ما سكن، فكلام الإنسان بيان فضله، وترجمان عقله».
وديننا الحنيف يدلنا إلى فضل الكلمة الطيبة وأهميتها في الحياة، قال تعالى: «ألم تر كيف ضرب اللهُ مثلا كلِمة طيِبة كشجرةٍ طيِبةٍ أصلُها ثابِت وفرعُها فِي السماءِ * تُؤتِي أُكُلها كُل حِينٍ بِإِذنِ ربِها ويضرِبُ اللهُ الأمثال لِلناسِ لعلهُم يتذكرُون * ومثلُ كلِمةٍ خبِيثةٍ كشجرةٍ خبِيثةٍ اجتُثت مِن فوقِ الأرضِ ما لها مِن قرارٍ».
وبقول النبِيِ -صلى اللهُ عليهِ وسلم-: «إِن العبد ليتكلمُ بِالكلِمةِ مِن رِضوانِ اللهِ لا يُلقِي لها بالا يرفعُهُ اللهُ بِها درجاتٍ، وإِن العبد ليتكلمُ بِالكلِمةِ مِن سخطِ اللهِ لا يُلقِي لها بالا يهوِي بِها فِي جهنم». ولنعلم أن قيمة الإنسان واحترامه منوط بمنطقه، ورقي حديثه.
إنها مجرد كلمة مكونة من بضعة أحرف تخرج من بين الشفتين بأقل جهد تطير في الهواء نحو المتلقي فإما أن يكون لها وقع إيجابي على النفس وتكون بلسمًا تداوي العلل، وتكشف الهموم، وتزيل الأكدار والغموم، وتكسب القلوب، وتشحذ الهمم، وتلهم وتحفز وترفع المعنويات، وتدفع إلى مرضاة الله، وترسم خارطة طريق النجاح، وتجلب السعادة، وإما أن تتبرأ من صاحبها وتُنفر منه وتطلب منه أن يدعها مكانها لما يترتب على خروجها من انعكاسات وآثار سلبية تجلب الضرر، وتخرق الفؤاد، وتكون أشد ألمًا من السهم عندما تصدر من شخص متعجرف متبلد المشاعر والإحساس لايزن الكلمة قبل خروجها، ولايقيسها على نفسه، فإن كان يتقبلها لايرى في الوجود إلا ذاته فيصاب بآفة العجب والغرور، ويكيل بكلماته؛ ليسقط، ويُقزم من حوله، ويحرجهم، ويشهر بهم، ويشوه سمعتهم من أجل أن يبرز هو ويعلو ويسمو، ولكن مهما علا وارتفع فلن يدوم طويلًا في قمة الهرم الهش، وسيأتي اليوم الذي يهوى للقاع، ولن تنفعه كلمته.
واللبيب بالإشارة يفهم…
مقال جميل ومفيد
بارك الله فيك دكتور ??
نتمنى أن يعي الكثيرين هذا الكلام
احسنت مقالا دكتور علي