تعاني شوارعنا وطرقاتنا من مشكلة ازدحام المركبات صباحًا ومساءً، نتيجة لمساحتها المحدودة وارتفاع أعداد المركبات، ورغم ما تضعه إدارات المرور من خطط وبرامج خاصة صباحية تحظر فيها دخول المركبات الثقيلة والحافلات للمناطق التي يسلكها الطلاب والطالبات والموظفون كما يحدث في مكة المكرمة، إلا أن الازدحام واقع لا محالة، ولا يمكن أن نوجه اللوم على المرور وحده، فهناك وزارة النقل المسؤولة عن الطرق الخارجية، ووزارة الشئون البلدية والقروية المسؤولة عن الطرق والشوارع الداخلية.
وفي حادثة حريق محطة القطار بجدة والتي بدأت بعد الثانية عشر ظهرًا، وجه بعض سكان المحافظة انتقادهم الشديد لإدارة المرور معتبرين أن “تكدس الشوارع الرئيسية كطريق الحرمين والأمير ماجد وشارع الأمير محمد بن عبد العزيز” التحلية بالمركبات، جاء نتيجة لخطأ المرور في معالجة الموقف بشكل جيد؛ إضافة إلى عدم إشعار قائدي المركبات بالطرق البديلة؛ خاصة وأن الحريق تزامن مع خروج الطلبة من المدارس والجامعة.
وإن كنت أتفق معهم في نقدهم لإدارة المرور ليس لتكدس الشوارع، بل لأنهم لم يعهدوا مثل هذه المواقف في شوارعهم، فالازدحام الشديد بعيد عنهم، ولذلك وجدوا في ذلك اليوم موقفًا يصعب عليهم التأقلم معه، وليتهم يتواجدون في مكة المكرمة خلال موسم الحج ليعيشوا الازدحام على حقيقته، ويومها لا أعرف لمن يوجهون اللوم والنقد.
ويبدو أن السكان قد بالغوا في وصف الحالة، واتهموا المرور بتوقف الحركة وغياب دورياته عن تنظيم السير، ووجه المبالغة تكمن في إنكار تواجد دوريات المرور، فالواقع الذي نراه أمامنا أن شوارع جدة خاصة طريق الحرمين مليء بدوريات المرور، فكيف ندعي غيباها وهي موجودة أمامنا ؟
أما القول بـ”عدم إشعار قائدي المركبات بالطرق البديلة”، فلا أعرف كيف يتم إشعار قائدي المركبات، فهل المطلوب من المرور أن يتنبأ عن الحوادث قبل وقوعها ويشعر قائدو المركبات بها ليسلكوا طرقًا أخرى ؟
أم المطلوب إصدار بيان رسمي عبر الإذاعة والتلفزيون يشعر فيه قائدو المركبات بأن هناك حادثة وينبغي عليهم التوجه للطرق البديلة ؟
وإن كنا نختلف مع المرور في بعض إجراءاته، فلا يعني هذا أن نوجه اللوم له آناء الليل وأطراف النهار، فهناك أعمال وخدمات يجب أن نشكر المرور عليها، وعلينا أن نأخذ درسًا في كيفية تعامل المرور مع حادثة حريق محطة القطار، فرغم حيوية طريق الحرمين وأهميته وربطه بين الشمال والجنوب، إلا أن حركة السير به لم تتأثر بالدرجة التي تجعلنا نوجه اللوم لا الشكر للمرور.
وكواحد عاش الموقف يوم الحادثة سجلت حقيقة شاهدتها، ولا أجد مبررًا واقعيًا لاتهام المرور بأخطاء لم يرتكبها.