قبل أن يبحر القارئ الكريم في ثنايا هذا المقال، أودّ ان أسترعي الانتباه أن مضمون ما سأطرحه لا يعُم الجميع، وإنما فئات كثيرة لا يمكن تحديد حجمها إلا من خلال أدوات البحث العلمي وإذا أراد القارئ الكريم يستشرف مخاطر التعصب العنصري على الأمن الاجتماعي، فعليه ان يراقب مؤشراته في المجتمع؛ ولينظر وليحكم بما يجده على أرض الواقع، والهدف من طرح هذا الموضوع هو علاج هذا الواقع وتغير ما بأنفسنا ليغير الله ما بِنَا إلى الأفضل كإجراء وقائي يسهم في تعزيز الأمن الوطني،
وسأبدأ هذا المقال بآيآت من كتاب الله الكريم بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
قال عز وجل:
‘‘وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا …الآية ‘‘130 ال عمران
وقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13].
فالثابت شرعًا وعقلًا أن الإسلام حثّ على التقارب والتألف، ونبذ كل أشكال التعصب والانغلاق والعنصرية.
ونحن جميعًا نتفق على ذلك ودولتنا الرشيدة حفظها الله بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- وجميع أمراء المناطق -حفظهم الله- يؤكدون على تطبيق ما جاءت به الشريعة من نبذ أسباب التعصب والعنصرية، وكلنا جميعًا نسمع ونطيع ونسعى إلى تحقيق هذه الغاية.
ولكن من يراقب ويستنبط أهمية الأمن الاجتماعي يرى أن هناك ثغرة وجذوة كامنة وخفية باقية في نفوس الكثيرين؛ حيث لا زالت تلك الجذوة تتشبث في عادات الكثيرين، والتي إن لم نتنبه لها ونسعى في علاجها جميعًا فإنها ستستعر من جديد مع اأي رياح تعيد اليها روح الحياة.
وإذا أردنا أن نستشرف، ونتأكد من حقيقة ما أعنية فلننظر إلى هذه المؤشرات التي تؤكد استمرار التعصب العنصري المختلف الأنواع،
ومن تلك المؤشرات على سبيل المثال لا الحصر التعصب الاجتماعي فعند حضور المناسبات الخاصة والعامة، نجد أن هناك أحزاب عصبية متعددة من القبيلة الواحدة حسب الفخذ أو العائلة مع أنهم من قبيلة واحدة، وقيسوا على هذا الأمر الكثير من المشاهد المختلفة.
فالمناسبات في نظري تعتبر أداة من أدوات البحث؛ حيث إذا كانت مناسبة عامة نجد فيها تعصبات متعددة حسب المناطق وحسب القبائل أو المدن أو الأحياء أو الأسر، وهلما جرا تبدأ من الأسرة ومرورًا بالزملاء، والأصحاب، والعائلات، والقبائل والمناطق.
ومن تلك المؤشرات نشاهد أخطر انواع التعصب وهو التعصب الرياضي الذي يبدأ من داخل الأسرة التي ينتشر بين أفرادها العداوة والبغضاء التي نشبت بينهم من خلال الشحن الإعلامي للبرامج الرياضية التي لم تراعِ أهمية الأمن الاجتماعي والوطني في طرح وسائل التحليل الرياضي.
وهو أمر في غاية الخطورة يُذكي العداوة والبغضاء ابتداء من داخل الأسرة إلى مختلف أطياف المجتمع.
كما يلاحظ من مؤشرات التعصب العنصري أيضًا التعصب الثقافي الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي عامة وقروبات الواتساب؛ خاصة.
فقروب القبيلة الواحدة تجد فيه الترحيب بكل مضاف جديد من أبناء الخامس أو الفخذ، بل حتى نشاط المشاركات ينشط بين فئة معينة تربطهم رابطة حزبية رياضية أو ثقافية أو اجتماعية …. إلخ.
ونضرب على ذلك أمثلة كثيرة ومنها التعصب الوظيفي؛ حيث نجد زملاء العمل من عدة قطاعات مختلفة في مناسباتهم وقروباتهم لا يرحبون ولا يتواصلون ولا يشاركون إلا مع من تجمعهم به رابطة الزمالة في قطاع محدد ويتجاهلون الترحيب أو المشاركة مع اَي أحد من خارج القطاع الذي يجمعهم مع أنهم في قروب واحد يجمعهم، ويعرفون بعضهم البعض.
وتجد الكثير من التعصبات المختلفة حسب ميول وتوجهات أصحابها مثل:
التعصب الديني، التعصب الفني، التعصب الثقافي، التعصب الطبي، التعصب الفكري ….إلخ. وجميعها تعتبر من مؤشرات العصبية والعنصرية التي تؤثر في اللحمة الوطنية والأمن الاجتماعي التي تؤثر في الأمن الوطني.
ونشاهد التضارب بين ما نقوله من نبذ العصبية والعنصرية، وبين الواقع الخفي الذي نعيشه.
ومن وجهة نظري أن علاج هذا الأمر هو بأيدينا من خلال هذه الآية في قوله تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11] فهل سنغيّر ما بأنفسنا ؟
تشخيص اجتماعي ممتاز ومقال جميل ولاغرابة فالكاتب رجل أمن ولعل سعادة اللواء مثل ما وفق في التشخيص أن يوفق في طرح بعض الحلول من خلال مقال أخر .
أحسنت ياسعادة اللواء وكل ماذكرته صحيح وإن لم نتداركه إستغله الأعداء والتنظيمات المناوئة .
ماشاء الله طرح مختصر يدل على رؤيه ثاقبه ….واستقراء لما قد يسببه هذا التعصب …
مع املي تتطرق في مقال لاحق لا فضل السبل لمعالجة هذا الموضوع …تحياتي
ظاهره أصبحت منتشره وللاسف بمجتمعنا ….امل ان تتطرق في مقال لاحق الحلول المناسبه لمنع تفاقم مثل هذه المواضيع ….
مقال ممتاز من رجل ذو خبره كبيره في المجال الأمني