اليوم نعرج على أسطورة بيت العائلة، الذي كان يجمعنا في المناسبات والمواسم، نجتمع كبارًا وصغارًا، في عالم يملؤه الدفء، والنصح، والتواصل، في جو عائلي رائع، ينتج عنه تبادل الخبرات وتواصل الأجيال وتوثق العلاقات، كان بيت العائلة مكانًا لايهدأ عند تجمعنا فيه من الكلام والضحكات، ومن حركة الأطفال، والحوارات الجماعية، لكن بمجرد أن وصلنا عالم السوشيال ميديا، وعصر الوسائط، والوسائل الحديثة؛ ولأننا أسأنا توظيفه، فلم تعد هذه الوسائل نافذة للتواصل، وتبادل الخبرات والمعلومات، وفعل الخيرات، والحفاظ علي موروثنا. القيم أصبحت في أيدينا وسيلة للانعزالية، والتوحد، والانفرادية، قطع الأواصر، والقضاء على أسطورة بيت العائلة، وقتلت عالمنا المبهج، وقضت علي ملامح حياتنا الشرقية الأصيلة، فلم نعد نتجمع، ولم نعد نتجاذب أطراف الحديث، ولم يعد هناك نقلًا للخبرات، وأصبح كل منا في عالمه الخاص، علي صفحته أو وسيلته، كل منا ترك أهله وناسه، وتواصل مع آخرين لايعرفهم في عالم افتراضي مملوء بالزيف، والالتواء، بل حتي لو تزاورنا، يمكن أن نجتمع ولكن لايتواصل بعضنا مع بعض، بل أيضًا كل يضع وجهه وتفكيره في وسيلته وصفحته، لدرجة أننا نندم علي حالنا هذا، ويندم كبارنا علي الزيارات غير الدافئة، ويتساءل صغارنا، لماذا أتينا ولم نتحدث؟ ولم يكن أحد منا سعيدًا، أفيقوا أخوتي، ليس كل مستحدث مستحب، وليس كل جديد مفيد، إنما العبرة بحسن التوظيف والاستخدام للوسيلة، بما يضيف لحياتنا ولا يسلب منها، علينا أن نأخذ من مستجدات العصر، ما يلائم طباعنا ولا يمحوها، هذا دورنا كأصحاب علم، تجاه أهلنا، وهذه دعوتنا لكل كيان وتجمع ومؤسسة؛ لنعمل علي عودة الدفء لحياتنا، وحسن التعامل مع وسائل الانعزال.
——————-
رئيس وحدة التعليم الالكتروني في كلية الاتصال والاعلام – جامعة الملك عبدالعزيز