المقالات

((كافيهات)) الثقافة … لاتقدم علمًا

قبل أن أستطرد عليّ أن أنوّه على جانب هام؛ ألاوهو الفرق بين الثقافة والعلم؟

هناك فرق شاسع بين العلم والثقافة، فلا نستطيع أن ننسب العلم للمثقف، ولا تنتسب الثقافة لكل عالم، وكل معلومات العلم ثقافة، وليس كل ثقافة علمًا.

للعلم قواعد مبنية على أسس بحث، وترجمة لمجهودات عالم، ترتبط فيها الأمم، فطالب العلم لايتوقف كثيرًا علميًا، حين يذهب للابتعاث للخارج لطلب العلم، فأسس العلم تقريبًا متحدة لا تتجزأ؛ كل علم مختصٍ بذاته، فهو تخصّصَ في علم وأدركهُ، وكرّس جُل وقته لمعرفة مافي هذا العلم من محتوى، وقوانين علميّة.

أما عن الثقافة فهي مرتبطة في أغلب الأحيانبمجتمع بعين ذاته، فليس لها تعريف واضح، غيرأنها معايير ومنطق لفكر مجتمع؛ يغذي الفرد بما يمتلكه من معلومات اكتسبها من قراءته للمشهد العام فتكوّنت لديك وجهة النظر، وأيضًا حصيلة قراءاته المعرفية، وأخذ معلومة من كل علم، والبحث الدؤوب لكسب المعرفة، فنجد الناتج ثقافة مجتمع مبنية على أساس ما يكتنزه الفرد من معلومات، تؤدي بذلك لثقافة مجتمع بأسره.

مثال بسيط على ذلك؛ حين نذكر العالم أنشيتاين، نقول العالم  الفيزيائي، أو مكتشف قانون الجاذبية، لكن في المقابل حين يطرى اسم الأديب دوستويفسكي، نقول رافدًا من روافد الأدب الروسي، فالعلم لا ينتسب لمكان العالم، وإنما متاح لجميع الأفراد والمجتمعات، بينما الثقافة ترتبط بشكل أوبآخر بمكان المثقف، وتكون من مهامه تصدير ثقافة مجتمعه للعالم.

فعلى الجانب الآخر من المقال، وددت أن أتطرق لماتقدمه بعض (كافيهات) الثقافية أو المقاهي، فهم اختلطعليهم الأمر فنجدهم يقدمون محاضرات، أوندوات باسم (الثقافة المجتمعية)، لكن محتوى المحاضرة، أو الندوة في الأصل علم، فإذا كانت النية تقديم وجبة علمية فأفضل أن من يقدم هذا العلم؛ عالم مختص، أو طالبَ علم في هذا المجال،أما مايحدث في بعض تلك المقاهي أو(الكافيهات)،أنهم يقدمون مثقفًا على من لديه علم ويجعلونهُ يقدّم المحاضرات، والندوات، لمواضيع أبعد ماتكون عنالثقافة بل إنه علمُ له نظريّات، وفرضيّات، فتتكون لدى المتلقي معلومات مبتورة؛ لأنها ليست مبنية على أُسس، ومراجع، وبحث علمي، إنما هي اجتهادات مثقف في كسب المعلومة.  وقد تكون المعلومة ليست مكتملة الأركان.

إن من مظاهر الاتزان الثقافي في المجتمع؛ وجود مثل تلك المقاهي أو كما يسمى حديثًا (كافيهات)،لكن لابد معرفة الغاية من وجودها في المجتمع، فإذا الغاية ثقافة، وتبادل معرفة، فلابد أن لا تخرج عن سياقها الصحيح، فثقافة فيها لا تتعدى كونها إبراز الفنون السبعة بأبهى صورة، ومناقشة الأدب والفلسفة بشكل حضاري، وإظهار التراث السعوديبصورة لائقة مدمجة بطرق حديثة المبتكرة في هذا الوقت، فتلك هيَّ طرق ووسائل تؤدي للغاية المنشودة

Related Articles

One Comment

  1. تحليل رائع جداً
    الكثير لايعرف ان هناك فرق أصلا بين الثقافه والعلم ولكن المقال أظهر الفرق بينهم بشكل سلس وواضح جدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button