المقالات

الوزير ومسار نظام الجامعات الجديد

‏الخوض في محددات ومسارات نظام الجامعات الجديد ومنظومة أهدافه الاستراتيجية، أجدُ من المهم العودة إلى الوراء شهورًا معدودة، وتحديدًا منذ ثـمانية أشهر تقريباً، وتزامنه حينها مع انعقاد الدورة الثامنة للمعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي بالرياض، أتذكر حينها استعراض معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ لبعض الملامح التمهيدية للنظام الذي أقره مؤخرًا مجلس الوزراء بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين ـحفظهما-.

ومن أهم طروحات معالي الوزير حينها في المؤتمر الدولي، مدى حاجة المؤسسات الجامعية السعودية، إلى إجراء تغييرات نوعية لممارسة دورها التنموي والمعرفي، وفق توجهات القيادة الرشيدة، ومستهدفات برامج رؤية 2030 التنفيذية الثلاثة عشر، خاصة مع تزايد الاعتراف العالمي بالدور الذي يمكن أن تضطلع به أذرع الجامعات الاستشارية على مستوى العالم في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام لبلدانها، وهذا يفسر مدى الترحيب الكبير المستمر ـ وما زال ـ بصدور النظام الجديد للجامعات، كونه يُفسح المجال لها لممارسة الأدوار الاستشارية بشكل أكثر فاعلية، أسوة بالجامعات المتقدمة الأوربية والأمريكية، وبالتالي زيادة تنوع عائداتها المالية.  

أكثر ما لفت انتباهي فور صدور الموافقة الكريمة على القرار، وجود رغبة حقيقية لدى صناع القرار من هرم القيادة الرشيدة إلى وزارة التعليم، في إشراك الجامعات لقيادة مسيرة التَّحولِ والتغيير، من خلال التجديدِ والابتكارِ في الوسائلِ والأساليب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تقديمها للخدمات الاستشارية المبتكرة، التي تسهم في مواجهة كثير من التحديات بمبادرات تعتمد على الأسلوب العلمي الرصين، وهو المجال الذي أبدعت فيه الجامعات ولا زالت ولله الحمد.  

ونحن في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، نرى أن النظام الجديد للجامعات، يحمل تباشير تفاؤلية بمستقبل التعليم الجامعي في بلادنا المباركة، خاصة أنه يؤسس لمرحلة جديدة ترتكز على استراتيجية وطنية لتحقيق مفهوم “الاستدامة المالية” باعتمادها على مواردها الذاتية، لتحسين مخرجاتها التعليمية والبحثية، بما يخدم تحقيق أهداف الحكومة التنموية.

وتعد الأبعاد الحيوية للنظام الجديد، منصة استراتيجية داعمة للمؤسسات الجامعية، من خلال وضع صيغ تشاركية جديدة، كتقديم الدراسات الاستشارية للجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص والقطاع الثالث غير الربحي، أو تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، كتأسيس شركات استشارية متخصصة، خاصة بعد توسع هذا السوق على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ولكوننا بيت الخبرة الأول في منظومة الحج والعمرة والزيارة، فإننا نؤكد بأن النظام الجديد للجامعات، أتاح لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرةمساحات نوعية كثيرة، ستدفعه لتقديم أفضل ما لديه لهذا القطاع الحيوي بشكل أكثر احترافية، من أجل خدمة عُمار وزوار وحجاج بيت الله الحرام، وتحقيق مستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، من خلال الخدمات البحثية والعلمية والدراسات الاستشارية، لمساعدة متخذي القرار في  الجهات المعنية ذات العلاقة من تحسين مختلف الجوانب التي تُسهل على الحجيج والمعتمرين أداء نسكهم بيسر وسهولة، وتقديم الحلول التطويرية لإثراء تجربة ضيف الرحمن، وزيادة أعدادهم خلال السنوات المقبلة وفق ما هو مخطط له بإذن الله، وهو من أبرز‏ مكتسبات النظام الجديد للجامعات، التي يستفيد منها قطاع الحج والعمرة بشكل كبير.

ويمكننا التدليل بالنجاحات التي حققها المعهد خلال موسم 1440هــ، ومن ذلك: دعمه صناع القرار بـ 42 دراسة مستجدة وطارئة لاستدامة وتطوير منظومة الحج والعمرة، وتقديم خبراته الاستشارية عبر عضويته في ثلاثين لجنة دائمة معنية بالقطاع بشكل مباشر، أضف عليها تقديمه لسلسلة دراسات استشارية خاصة لوزارة الداخلية وقطاعاتها المختلفة لاستشراف منظومة الخدماتالمقدمة لضيوف الرحمن.

—————————-

عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى في مكة المكرمة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button