قرشيات
أستغرب الجدل البيزنطي على تاريخ المولد النبوي فنحن أبناء السنة والجماعة منهجنا الوسطية التى تعلمناها من نبينا عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم، لا نقر ولا نعترف بالرقص والحفلات الخارجة عن المألوف، فهذا ليس بدين ولا طريقة نتذكر فيها أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وفي نفس الوقت نجله ونحبه، ونتذكر فضله ونعمه على هذه الأمة، بل على البشرية جمعاء شاء من شاء وأبى من أبى فهو البشير والنذير وخاتم الرسل، والنبي الذي أرسل بخاتم الرسالات للإنس والجان، ولكل المخلوقات نتذكره من أجل الخير العميم والفضل الجليل الذي طوق به أعناقنا إلى يوم الدين فهو صاحب الرسالة الخالدة، وصاحب الشفاعة المنتظرة وصاحب الحوض والشفيع المشفع، وإليكم تفسير الشيخ السعدي بهذا الخصوص.
*﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾*[آل عمران: ٣١]
وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال {قل إن كنتم تحبون الله} أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لابد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبًا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص.
تفسير السعدي رحمه الله.
*﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾* [الأحزاب: ٥٦]
وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره. و {إِنَّ اللهَ} تعالى {وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اقتداء باللّه وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم .
(تفسير السعدي رحمه الله).إن حب الله ليس دعوى باللسان، ولا هياما بالوجدان، إلا أن يصاحبه الأتباع لرسول الله، والسير على هداه، وتحقيق منهجه في الحياة.. وإن الإيمان ليس كلمات تقال، ولا مشاعر تجيش، ولا شعائر تقام.
ولكنه طاعة لله والرسول، وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول..
يقول الإمام ابن كثير في التفسير : “هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية. فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ..
ويقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه: “زاد المعاد في هدي خير العباد” :
“ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له – صلى الله عليه وسلم – بالرسالة وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام.. علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس مجرد المعرفة فقط. ولا المعرفة والإقرار فقط. بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرًا وباطنًا..”
*﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾* [الأحزاب: ٥٦]
وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره. و {إِنَّ اللهَ} تعالى {وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اقتداء باللّه وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم.
تفسير السعدي
وصلاة الله على النبي ذكره بالثناء في الملأ الأعلى؛ وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى.. ويا لها من مرتبة سنية حيث تردد جنبات الوجود ثناء الله على نبيه؛ ويشرق به الكون كله وتتجاوب به أرجاؤه. ويثبت في كيان الوجود ذلك الثناء الأزلي القديم الأبدي الباقي. وما من نعمة ولا تكريم بعد هذه النعمة، وهذا التكريم. وأين تذهب صلاة البشر وتسليمهم بعد صلاة الله العلي وتسليمه، وصلاة الملائكة في الملإ الأعلى وتسليمهم؛ إنما يشاء الله تشريف المؤمنين بأن يقرن صلاتهم إلى صلاته وتسليمهم إلى تسليمه؛ وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأفق العلوي الكريم الأزلي القديم.
والحمد لله أولًا وأخيرًا على نعمة الاسلام وصل اللهم وسلم وبارك، وأنعم على من بعثه رحمة للعالمين، شكرا ودمتم سالمين.