نعلم أن نظام “ساهر” أتى بهدف تحقيق الأمن والسلامة المرورية، ونلمس جدوى النظام ونجاحه في تخفيف الحوادث والمخالفات المرورية، ونستشعر أهمية وجوده الأمني في ظل ما نشاهده من بعض السلوكيات السلبية التي لا تزال تمارس من بعض المتهورين والمستهترين، ومن بعض حالات الاضطرابات النفسية والعقلية، والتي تؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ورغم ما واجهه النظام من بعض الانتقادات لبعض الملاحظات التي واكبت تطبيقه في بداياته إلا إنه يتجاوب بشكل إيجابي في تلافي الملاحظات، ويسعى باستمرار إلى التطوير والابتكار بما يحقق تطلعات المسؤولين عنه، وبرغم ذلك التجاوب إلا إنه لا يزال ينظر له بأمل المزيد من التجاوب خاصة تجاه تطبيق العقوبات الجزائية؛ حيث يأمل البعض من المجتمع أن يراعي النظام الجوانب الإنسانية في تطبيق العقوبات على تلك الشريحة التي عجزت عن تسديد ماعليهم من مخالفات أدت إلى تراكمها في ظل قسوة وتفاقم ظروفهم المالية التي أضرت بهم، وبمن يعولون بسبب إيقاف الخدمات المرتبط بتسديد المخالفات، كما يخشى البعض من المجتمع على بقاء تلك الشريحة دون إيجاد حلول جذرية أنه ربما يسهم في تبلد الإحساس لديهم خاصة بسبب تضررهم من إيقاف ما يقدم لهم من خدمات، وعدم الاهتمام والاكتراث الذي بدوره يؤدي إلى استمرار المخالفات الأمر الذي يخشون معه أيضًا تولد النزعة العدوانية للنظام، وكما شاهدنا في بعض وسائل الإعلام من بعض التصرفات العدائية تجاه النظام.
وإذا نظرنا إلى ظروف الأسباب التي أوقعت المخالفين في تلك المخالفات التي تراكمت عليهم بعشرات آلاف من الريالات، وبعضهم تجاوزت مخالفاته المائة ألف ريال، كانت لعدة أسباب قد تكون خارجة عن الإرادة، ومنها على سبيل المثال:-
1. ضعف الوعي بالسلامة المرورية قبل وأثناء تطبيق النظام.
2.غياب الوعي بنظام “ساهر” في بداية تطبيقه، وهي من الملاحظات التي واكبت تطبيق النظام ووجود شريحة من كبار السن، ومن الأميين غير المتعلمين الذين يغلب عليهم الجهل العلمي والمعرفي ولا يستطيعون التركيز والانتباه لمتغيرات أوضاع الرصد الآلي لنظام “ساهر” على الطرقات.
3. البعض من المخالفات وقعت على الشباب من الطلاب، ومن هم في سن المراهقة، وسجلت تلك المخالفات على أهليهم من الوالدين والأخوة والأبناء، ومن له صلة قرابة في إعالتهم وبعض الآباء والأمهات لديهم أعداد تتراوح من واحد إلى 6 من الأبناء يزيدون أو ينقصون الذين يستخدمون سيارات عائلهم من الوالد أو الوالدة أو من له صلة قرابة، ثم يصبح هذا العائل بين سندان فاتورة المخالفة ومطرقة إيقاف الخدمات في ظل تردي أحوالهم المالية والمعيشية.
4. اتجاه الكثير من أصحاب الدخل المحدود، ومن ليس لديه عمل للعمل على مركباتهم الخاصة في نقل الركاب كمصدر رزق، وكانت تسجل عليهم مخالفات تحميل الركاب وغيرها مثل: ربط الحزام، والوقوف الخاطئ، واستخدام الهاتف، وتجاوز السرعة خلاف الرصد الآلي، وهذه الفئة ليس لها دخل مادي تستطيع معه تسديد تلك المخالفات.
5. حالات الاضطرابات النفسية والعقلية التي تقع في بعض السلوكيات الخاطئة؛ نتيجة ضغط الاضطرابات النفسية أو نتيجة الأعراض الجانبية لتناول بعض الأدوية، وبسبب مساوئ ظروف الطريق وبسبب مساوئ قيادة الآخرين حيث إن هذه العوامل الثلاثة تؤثر في سلوك القيادة لأصحاب الحالات النفسية التي لم تدرج في شروط استخراج رخصة القيادة، ولايوجد آلية لفرز المريض النفسي إذا لم يبادر بالإفصاح عن مرضه، وربما هناك بعض الحوادث التي وقعت وذهب ضحيتها ذلك المريض ومن معه في الحادث، ومن أي أطراف أخرى بسبب المرض النفسي الذي لم يعرف عن المريض وربما المريض نفسه لا يعلم أنه مريض نفسي، وهنا تكمن الخطورة
ومع كل تلك المخالفات التي وقعت، ومع عدم القدرة المالية على تسديدها، ومع مرور الوقت وبسبب عدم وجود آلية تمنع تراكم المخالفات تولد لدى هؤلاء شعور التبلد والإحباط واليأس، وربما دخل البعض منهم في دائرة الأمراض النفسية الأمر الذي أدى إلى الاستمرار في الحصول على مزيد من المخالفات ومزيد من تفاقم المشكلة.
ورغم وجود هذه المشكلة إلا إنه لم يتم إيجاد حلول جذرية لها؛ وبناء عليه فإنني أطرح من خلال هذا المقال دعوتي لكل من يستطيع أن يقدم مقترحات حيال هذه المشكلة أن يقدم ما يستطيع من مقترحات تسهم في إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة ودراسة ومناقشة هذه الاقتراحات التي من شأنها أن تنهي كل أو بعض تلك المشاكل، وتنعكس إيجابًا على المجتمع، وعلى نظام “ساهر” وأرجو أن يتم دراستها من ذوي الاختصاص والخبراء والمساهمة في تطوير وإخراج هذه المقترحات بما يخدم المصلحة العامة، ودعمها بما يرونه مناسبًا من التوصيات وإيصالها إلى أصحاب القرار لاتخاذ القرارات المناسبة حيالها، ومنها على سبيل المثال:
1. إيجاد آلية لإدراج الكشف عن الاضطرابات النفسية والعقلية مع الكشف الطبي لإصدار الرخصة، وإلزام مستشفيات، ومراكز الطب النفسي الحكومية والأهلية بإنشاء نهاية طرفية بأسماء المرضى من الجنسين، وربطها مع النهاية الطرفية للمرور لتسهيل أمر إصدار الرخصة لمن يكون مؤهلًا للقيادة، وتضمين التعهد من كل حامل رخصة قيادة بأنه لا يعاني من أي اضطرابات نفسية أو عقلية عند منح الرخصة أو عند التجديد، وتضمين عقوبة جزائية لمن يدلي بمعلومات غير صحيحة.
1. النظر في آلية تطبيق العقوبات بأن تتضمن وسائل بديلة للغرامات والعقوبات المالية مثل ما هو معمول به في بعض دول العالم المتقدمة مثل: تقديم خدمات اجتماعية أو إلزام المخالف بحضور محاضرات بهدف التوعية والتثقيف، والارتقاء بسلوك القيادة لفترة تعادل ما هو مطلوب منه في المخالفة أو البحث عن وسائل أخرى مثل دعوة المخالف إلى المساهمة في أسبوع المرور من خلال بعض الأدوار الثقافية المختارة والمدروسة مسبقًا جنبًا إلى جنب مع رجال المرور تهدف إلى توعية وتثقيف المجتمع بالسلامة المرورية، وللمخالف حرية الخيار في اختيار الوسائل البديلة أو الغرامة المالية.
2. إيجاد آلية تضمن عدم تراكم المخالفات مستقبلًا خصوصًا بعد السماح للمرأة بالقيادة خلاف آلية إيقاف الخدمات التي تلقي بظلال الضرر على المخالف وأسرته والمجتمع، وتتعطل معها مصالح متعددة ومختلفة تؤدي الى زيادة إنهاك المخالف العاجز، وعلى سبيل المثال (لا يستطيع تجديد أي وثيقة إلا بعد تسديد المخالفات وعندما يكون عاجزًا عن ذلك يؤدي انتهاء صلاحية الوثيقة الأمر الذي يؤدي إلى الحصول على غرامات جزائية أخرى لعدم تجديد الوثيقة في حينه وهكذا من تعطل المصالح الأخرى) الأمر الذي يفتح الباب أمام طرق ووسائل التحايل تجاه إيقاف الخدمات.
3. إيجاد حلول خاصة بعد حصر أعداد العاجزين عن السداد؛ خاصة من ذوي الدخل المحدود أو ممن ليس لهم دخل ثابت والمتضررون من تراكم المخالفات سواء من الآباء أو الأمهات أو أي صلة قرابة بسبب استخدام أبنائهم أو أقاربهم لسياراتهم التي تم تسجيل المخالفات عليها؛ خاصة بعض الأمهات الأرامل اللواتي وجدن أنفسهن بعد وفاة عائلهن أمام مخالفات بعشرات الآلاف، والتي أصبحت محل هم وشقاء وتفكير لهم وأحوالهم المادية متردية ولا تفي بمتطلبات الحياة الضرورية.
4. فتح باب التحفيز والتشجيع للجميع من خلال إسقاط المخالفات أو جزء منها لمن يلتزم بعدم ارتكاب أي مخالفة خلال فترة عام كامل أو حسب ما تراه الإدارة المختصة، وربما كان لهذه الوسيلة البديلة دور فعال في زيادة مستوى الاهتمام، والحرص على تجنب المخالفات مما سينعكس إيجابيًا على سلوك المخالف وتعويده على تجنب المخالفة بطريقة محببة إلى النفس الأمر الذي سيجعل من نظام “ساهر” نظامًا أمنيًا وإنسانيًا يجد المحبة والتقدير والاحترام من الجميع مع الأخذ في الحسبان على تغليظ العقوبة بعدد من الوسائل الأخرى حال تكرارها لضمان الحرص على الالتزام.
إن إيجاد بدائل أخرى للعقوبات، ستكون محفزة ومشجعة على تلافي الوقوع في المخالفات، وبالتالي تسهم في ترويض وتعديل سلوك المجتمع الذي ينعكس على تعلم وتعود القيادة المثالية والالتزام بها.
إن هذه المقترحات لا تعني التساهل مع المخالفات المرورية عامة وخاصة الكبيرة كقطع الإشارات المرورية أو عكس السير أو التهور بل لابد من تطبيق العقوبات لها، ولكن تكون متدرجة وفق نقاط ونصاب محدد لها مثل: الحرمان من القيادة لفترات متدرجة… إلخ.
فهل يلتفت “ساهر” لهذه المقترحات ويكون له دور إنساني يجعل منه نظامًا مقبولًا ومحبوبًا من الجميع ؟؟
بارك الله فيك…..
طرح بناء وهادف بارك الله فيك أبا سلمان…