بناء الدول والنهوض بها وتعزيز كيانها وأمنها، وتعلية بنيانها وصيانة استقلالها ليس بالأمر الهين، وليست مسؤولية القيادة وحدها، أو الشعب وحده… إنها معادلة صعبة، لكنها إن تحققت تأتي بالعجب العجاب!.. ونحن كسعوديين نفخر بأننا بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل قيادتنا الرشيدة نجحنا في تحقيق تلك المعادلة الصعبة بجدارة وامتياز، فأصبحنا دولة يُشار إليها بالبنان!.. دولة نماء وعطاء.. وعلم وإيمان .. دولة تمتلك مفاتيح التقدم والنهوض والتميز، وأصبحت رياضنا إحدى أهم عواصم القرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأصبحت تجربتنا في محاربة الإرهاب وقهره مثالًا يحتذى به من قبل الشرق والغرب على حد سواء.. وأصبحت مبادئنا في تطبيق ونقل رسالة الإسلام السمحة في الوسطية والاعتدال مثار إعجاب العالم كله، وفوق كل ذلك أصبحت المرأة السعودية تمثل نصف المجتمع شراكة ومسؤولية وإنجازًا، عندما أصبحت وزيرة وسفيرة وعالمة وخبيرة.
وإذا سأل سائل كيف تأتى لبلاد الحرمين الشريفين تحقيق هذه المعادلة الصعبة ؟..وكيف تحققت المعجزة السعودية بتحقيق كل تلك الإنجازات، والحفاظ على استقلال الوطن، وأمنه واستقراره ورخائه في زمن قياسي، ورغم التحديات الصعبة والعراقيل التي وضعها الحاقدون والحاسدون في طريقه لتعطيل مسيرته المباركة؟ .. الإجابة باختصار تكمن في تفرد التجربة السعودية، وتميزها عن غيرها من التجارب التي شهدتها المنطقة والعالم في العصر الحديث، والتي أكسبت هذا الوطن المكين المناعة ضد الانقلابات والحروب الأهلية والحزبية البغيضة، وبما أدى إلى تعزيز الوحدة الوطنية واللُحمة التي ظلت تربط دائمًا بين الشعب والقيادة، والتي تعتبر البيعة أهم وأبرز معالمها. فالبيعة بمعناها العقدي، وباعتبارها ركنًا أساس في العلاقة بين الحاكم والمحكوم من وجهة نظر الشريعة الإسلامية هي أساس الحكم في بلادنا التي أعزها الله بالإسلام وبخدمة الحرمين الشريفين، تلك الخدمة التي تعتبر من أهم العوامل التي عملت دومًا على تعزيز وحدتنا الوطنية، عندما شرفنا الله عز وجل بوجود الحرمين الشريفين على تراب أرضنا المقدسة فوحد أفئدتنا حول هذه الرسالة السامية التي نعتز بها جميعًا ونعتبرها درة فوق هامة هذا الوطن الغالي. ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن هذا التناغم بين القيادة والشعب، والتكامل الوجداني والشراكة التي تجمعهما في حمل وتحمل المسؤولية عامل مهم ومقوم أساس في توازن هذه المعادلة. أما العامل الثالث في نجاح هذه المعادلة الصعبة وتوازنها على مدى أكثر من مائة عام فهي حفاظ القيادة على الثوابت الوطنية التي وضع أسسها القائد المؤسس وسار على نهجها أبناؤه البررة، إلى جانب أن أولئك القادة ظل كل واحد منهم يضيف لبنة في بناء هذا الكيان الشامخ الذي ظل يعلو عهدًا بعد عهد وتعلو معه قامة الوطن.
الذكرى الخامسة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – تعني لكل مواطن سعودي الكثير، وأول ما تعنيه تواصل المسيرة المباركة التي انطلقت على يد القائد المؤسس والباني والموحد العظيم الملك عبد العزيز آل سعود – يرحمه الله- قبل سبعة عشر ومائة عام باسترداده ملك آبائه وأجداده بدءًا من الرياض، وما أعقب ذلك من توحيد كافة التراب السعودي عبر ثلاثين عامًا من المعارك التي تكللت بحمد الله بالنصر. هذه المسيرة المباركة التي بدأت من الصفر، نقلت المملكة من مجتمع تتفشى فيه الأمية إلى مجتمع ناهض يقوم على أساس دولة العلم والإيمان.
الذكرى الخامسة لمبايعة مليكنا المفدى تعني أيضًا أن الشعب السعودي النبيل باق على العهد، ولا يمكن أن يتخلى قيد أنملة عن ثوابته الوطنية التي يأتي التفافه حول قيادته التفاف السوار بالمعصم أهم ملامح هذا العهد الوثيق.
في هذه الذكرى العطرة لا يملك المواطن المتمسك بعقيدته المحب لمليكه المخلص لوطنه إلا أن يتوجه إلى الله عز وجل بأن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين ومليكها المفدى الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهدها الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان – وفقهما الله – وشعبها النبيل، وأن ينصر جنودنا البواسل عند الحد الجنوبي . ولنتذكر دائمًا أن من أهم أسباب ومظاهر حالة الأمن والاستقرار والاستمرارية والثبات والرخاء التي ينعم بها هذا الكيان الراسخ هو رباط المحبة والثقة والتواصل الجميل بين الشعب وقيادته، وبما لا يوجد مثيل له في أي دولة أخرى في العالم!..فالحمد لله كثيرًا على كل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى ونسأل الله عز وجل أن يحفظها من الزوال ..
مديرة إدارة الصحة المدرسية بتعليم جدة سابقًا