في هزيع الليل وخلال برد الشتاء القارس ، جاءت من الشمال متجهة صوب الجنوب لتستقر في مدينة ساحلية ، اختلفت عليها الحياة والطقس والناس ، تأقلمت مع الواقع الجديد الذي أجبرها على تجرعه ولو كان مراًً..
عاطلة عن العمل واتفقت مع أخيها العاطل أيضاً ، على المشاركة في مشروع تجاري بسيط ، كانت فكرة المشروع تتلخص في أن يبيع أخوها الحبحب ، وتتفرغ هي لعمل وتجهيز الأكلات الشعبية ، وقبل أن يبدأ المشروع ، جلست هي وأخوها لمناقشة الجدوى التجارية والتصورات الممكنة للعمل ، فقالت سأطبخ مالذ وطاب وعليك ترويج بضاعتي ومنتوجي ، فرد قائلاً وحبحبي من يتولاه ؟ قالت حبحبك ليس له تاريخ صلاحية أما طبخاتي فلها مدد وأوقات مقننة لو تجاوزتها تعفنت وفسدت ، وطال النقاش وامتد ليلة كاملة مابين سعاد وجمال ، وأخيراً أتفقا على البدء وممارسة النشاط ، فأحضرت سعاد بضاعتها وأدوات مطبخها المتنقل ، وأحضر جمال سيارته الوانيت المجهز صندوقها بطابقين ، السفلي للحبحب والعلوي للمطبخ ، واتجها إلى أطراف المدينة القابعة على ساحل البحر الأحمر ، وعلى بركة الله افتتحا باب الرزق ، ببيع سندوتشات الإفطار وأطباق الحمص والطعمية صباحاً ، وبعد الظهر يتقاطر زبائن الحبحب ليبتاعوا مرادهم من جمال ، وهكذا حتى أصبح جمال وسعاد معروفين على مستوى المدينة ، ونالا شهرة شعبية مكنتهما من الاستمرار ، وجني الكثير من الخير المنهمر من تلك البضاعة المشتركة ، وفجأة وذات يوم ما ، جاء زبون ( نحس ) فأشترى الإفطار من سعاد ، وذهب إلى الساحل لتناوله ، وأثناء ذهابه تذكر أنه لم يحصل على الباقي من الورقة النقدية التي قدمها لسعاد ، فعاد بسرعة لطلب حقه ، وبادر باستفزاز سعاد بالقول ، أين بقية فلوسي يا حرامية !! فردت عليه ، فلوسك موجودة وفي الحفظ والصون وتنتظرك وأنا لست حرامية ، بل أنت المتعجل الذي لم تنتظر كي تاخذ بقية نقودك بعد ما استلمت الإفطار مني ، وأرجو أن تحترم ألفاظك فيبدو أنك طويل لسان وقليل أدب ، فجن جنون الرجل وكاد أن يعتدي على سعاد الوحيدة في غياب جمال الذي ذهب مترجلاً غير بعيد للبحث عن دورة مياة ، فما كان من سعاد إلا الانقضاض على الحبحب للدفاع عن نفسها وذلك برمي ذلك الزبون ( النحس ) بحبات الحبحب التي توالت على راسه كحبات البَردْ في يوم عاصف ، واستمرت معركة الحبحب حتى عاد جمال ، فوجد حبحبه متناثراً على الأرض وكاسياً الطبيعة بلونه الأحمر القاني ..
فصاح ، واحبحباه !! واخساراه ، بينما سعاد ماتزال تزمجر وترعد وتزبد وتواصل الرمي بالحبحب وسط ذهول المارة والزبائن واستسلام ( المنحوس ) لهذا القدر الهائل من وابل الرصاص المتمثل في الحبحب ، وفي تلك الأثناء ، مرت دورية الشرطة وسيارة البلدية ، فتوقفتا لفض الاشتباك وإنهاء المعركة ، ثم جُمعت بضاعة الأخوين وحُملت في سيارة البلدية ، بينما استقل طرفي النزاع دورية الشرطة ومعهما جمال ، للذهاب إلى القسم والاحتكام إلى القانون ..
وهكذا انتهى حلم سعاد عندما أيقظها طفلها الرضيع للبحث عن رضعته قبل بزوغ الفجر .
6
زين طلع حلم
ولا كان قلت الحمد لله ان البلدية جات في الوقت المناسب
دايم البلدية عند الحدث
ويابخت العمال
شكراً أخي خالد ..
تعليق جميل ، ومرور عطر وقيم .
هههه ياله من حلم أنتهى بالخسارة .
مقال هادف وله العديد من الابعاد التي نعيشها واقعا شئنا ام ابينا
شكرا ابا وليد على هذا المقال الجميل
أضغاث أحلام يا أخ سهيل ..
فالدنيا هكذا بين ربح وخسارة ..
هلا بالغالي الدكتور حمد البشري ..
سلمت أيها الزميل النبيل ،
فأنت نبيلٌ وأبا نبيل ..