حالة غريبة وعجيبة تعيشها بعض المرافق والجهات تجعل من المسؤول التنفيذي الرجل السوبرمان، نلقي عليه البريد من كل حدب وصوب، ونرمي عليه مشاكلنا بكل لون وثوب.
كل صباح يفتح بريده فيجد مئات الإيميلات التي تم توجيهها إليه من اليمين والشمال والشرق والغرب، ولا نكتفي بذلك بل نضعه أيضًا في الصورة في مراسلتنا الروتينية؛ وكأننا نريد أن نستظل بظله ونتفيأ ظلاله وننعم ببركته.
ثم يدخل عليه كوم البريد الرسمي وقد امتلأت الدفاتر بالعاجل والعاجل جدًا، والخاص والمهم والفوري الذي يسلم ويفتح باليد.
ثم يفتح جواله فإذا بمجموعات الواتس الخاصة بالعمل ترسل له رسائل على مدار الساعة.
ثم ينظر الى جدوله فيرى جدولًا مزدحمًا، ويئن من كثرة الاجتماعات المجدولة والمفاجأة والمستعجلة التي تمتد إلى ساعات اليوم كله.
إن كان المسؤول التنفيذي فقط سيرد على كل هذا الكم من المراسلات والبريد الرسمي والشخصي، فمتى سيتفرغ للعمل والتفكير الإستراتيجي وتطوير العمل الذي هو من صميم أهدافه ومسؤولياته الأساسية ؟؟
وكيف يستطيع ذلك ونحن نرهقه بهذا السيل المتدفق من البريد الذي أكاد أجزم أن معظمه لا يجب أن يوجه له أصلًا، بل لمساعديه أو مستوى إداري أقل من ذلك.
ما أسهل أن نرمي الكرة على السوبرمان، ونتفرغ نحن للجلوس على المدرجات ونستمتع بالمباراة.
كنت أتحدث مع أحد المسؤولين السابقين، وقال لي هل تصدق أنه كان يصلني يوميًا مابين ٥٠٠-٦٠٠ رسالة بريدية، وقد قررت أن أقرأ، وأركز فقط على الإيميلات الموجه لي مباشرة، وأن لا أشغل نفسي بالرسائل التي أعطيت لي منها صورة، ومع هذا فهي تزيد عن ال ٣٥٠ رسالة بريدية يوميًا.
لكن مالبث القوم أن عرفوا ذلك فأصبحوا يضعونه في قائمة الإرسال المباشر؛ ليضمنوا أنه يقرأها.
نحن نحتاج أن نعيد النظر في هذا الأسلوب الإداري العقيم الذي يفترض أن المسؤول التنفيذي هو حلّال الحلول، ومرجع كل عمل وقول، وأن لابد أن نستشيره حتى في نوع طبق الفول الذي نفطر عليه فهل هذا بربكم معقول !!
آن الأوان أن نمارس صلاحياتنا وادوارنا ومهامنا، ونتخلص من عقدة المسؤول التنفيذي السوبرمان الذي يجب أن تمر عليه أنفاسنا وكل ما يتعلق بأداء أعمالنا ليباركها ويوجهنا كيف ننفذها، فهذا والله هدر للطاقات وضياع للجهد والكفاءات، وهروب من المسؤوليات وإجهاد للرئيس التنفيذي يضيع الأوقات.
أتمنى إجراء دراسة ميدانية لواقع الحال يشرف عليها معهد الإدارة العامة حتى نقتنع أن ما نقوم به عجب عجاب لاتعرفه الشركات العالمية ولاتقره النظريات الإدارية.
يجب أن نتغير ونغير أسلوبنا العجيب في مفهوم السوبرمان التنفيذي، وأقترح أن تتبنى وزاراتنا وهيئاتنا مبادرة بعنوان “لا سوبرمان تنفيذي بعد اليوم” كلنا سوبرمانات زماننا في عملنا وحدود مسؤوياتنا، ويجب أن نمارسها ونفعلها بإخلاص واحترافية في حدود مايقرره النظام.
البعض يعشق المركزية ويحرم على نفسه تفويض الصلاحيات ويصنع من نفسه سوبرمان عصره الذي لايقهر .
والبعض الأخر لا يعرف من الإدارة إلا توقيع الخطابات وتوجيه الأوامر لمن حوله .
الاستراتيجيات لا يعدها فرد واحد لأنها تمثل خطة طويلة الأجل ترسم بفريق من الخبراء وليس بقلم سوبرمان واحد مهما كان مستوى تفكيره .
مقالك جميل يبعث على الاستغراق في التساؤلات .
تعليق رائع ومداخلة تستحق التوقف عندها على مقالة الرجل السوبرمان التي تلامس الواقع و التي ساهمت صحيفتنا المبدعة بإخراجها بصورة وعنوان جميل
مقال جميل جدا وناقش مشكلة لابد من ايجاد حل لها حتى يسود روح التعاون بين كافة الادارات بارك الله فيك كاتبنا الرائع حسن
مقالة من أجمل ما قراءت شكرا صحيفة مكة الالكترونية على اختيار كتاب متميزون
مقالة جميلة تسلط الضوء علي تحدي اداري جديد يجب ان تركز عليه الادارة العليا لإيجاد الحلول فيه وخاصة لدينا في بلادنا. في السابق كنا نذهب للمسؤول ونلتقي به، أما اليوم فنقوم بالاتصال الإلكتروني الذي لم نعد له العدة اللازمة لتحديد المسؤوليات تجاهه. التقنية الحديثة دخلت في حياتنا بسرعة وبشكل يفتح الثغرات حول مسؤولية الجهات عن “دهاليز تنقل المعلومات” ومسؤولية المدير الذي يتورط في الرد أو الاستجابة وحجم العمل وتفويضه.
مقال جدا جدا مهم تشكر عليه سيدي،
وتسليط الضوء على هذا الجانب
مهم جدا،