طالعتنا قناة الإخبارية السعودية مؤخرا بتقرير مفزع يواجه المجتمع السعودي إذ أشار التقرير إلى إحصائيات موثقة من جهات الاختصاص ذات العلاقة بأنه وللعام الخامس على التوالي تحولت حالات الطلاق في المملكة إلى ظاهرة ومعنى ظاهرة يعني الأمر متفاقم ومتراكم ويحتاج إلى تدخل سريع من عدة جهات وفي مقدمتها من وجهة نظري الجامعات ووزارة العدل وبعض الجهات ذات العلاقة بالمجتمع وبنيته الاجتماعية وحتى لا تتفاقم الظاهرة فيعجز المرقّعون عن ترقيع الشق الذي ستكون تبعاته لا حصر لها اجتماعيا واقتصاديا وربما سلوكيا بكل ما تعنيه هذه الحالات .
التقرير كان واضحا لا لبس فيه ولا غموض إذ بين مؤشرات لا تبشر بخير لاسيما وأننا ربما كنا في غفلة منه لمدة خمس سنوات ليأتي هذا التقرير مفزعا في تاريخ المملكة بعد أن كشف بأن كل عشر زيجات يكون من بينها ثلاث حالات طلاق يعني قرابة 30% منها وأن سبع حالات طلاق تحدث في كل ساعة وهنا لابد أن نتوقف لأن هذا التقرير يأتي في بداية الرؤية 2020م ونحتاج محاصرة هذا الفايروس ( فايروس الطلاق ) قبل أن نلج الرؤية العشرية القادمة 2030م حتى لا نفقد العناصر التي أشرت لها سابقا وهذا يعطينا مؤشرات بعضها قدمها التقرير بالحد الأدنى سنقدمها لكم هنا بالحد المتوقع .
التقرير يشير لخسائر اقتصادية مهدرة بسبب الزواج وتكاليفه متكئا على ما يقدمه بنك التنمية الاجتماعية التسليف سابقا للمتزوجين كقروض مستردة بالأقساط المريحة مبلغ يقدر ( 60000 ) ريالا وأضاف إنها تشكل نصف التكاليف بمعنى أن التكاليف تزيد (120000 ) ريالا وبحسبة قد لا تخفى على طالب الابتدائية من خلال جدول الضرب فإن هذا يعني أن هذه الخسائر تبلغ قرابة سبعة مليارات ريالا وأن عدد حالات الطلاق خلال السنوات الخمس يعني سبع حالات في 24 سلعة في 30 يوما في 12 شهرا ويصبح الإجمالي بالضبط 302,400 حالة طلاق خلال الخمس سنوات التي مضت وأن المبالغ المهدرة بحسبة طالب في المرحلة المتوسطة مثلا تبلغ 35 مليار ريالا .
طبعا التقرير كما سبق وقلت بأنه كان شفافا لم يخف التبعات التي تنجم عن تنامي هذه الظاهرة والتي تشتمل على التفكك الأسري وظهور سلوكيات اجتماعية غير محمودة العواقب ومنها إضافة أرقام جديدة للعزاب إلى جانب العنوسة وتشتت للأبناء بين أسرتي الزوج والزوجة كذلك نشوء عزوف من الشباب الذكور والإناث على حدّ سواء عن الزواج وتأخره الزواج للكثير إلى ما بعد الثلاثين من عمره وقد يفشل كذلك ولكن مع نهاية التقرير اختتمه المذيع بسؤال عن أسباب حالات الطلاق وتنامي هذه الظاهرة في المجتمع السعودي وتركه دون إجابة ومن وجهة نظري كان الأمر يتطلب وجود تقرير مضاف يستضيف فيه بعض المسؤولين والأكاديميين والمتخصصين في علم النفس الاجتماعي وبعض المتزوجين والمتزوجات من المتطوعين لتبصير المجتمع بالبحث عن أسرع حالات طلاق وأكثرها غرابة وما إلى ذلك من هذه الحالات التي كانت كرأس النعامة مدفون في رمال ما يعتقد البعض بأنه ضمن حرية الحياة الاجتماعية الحضارية وهما لا حقيقة .
مقدم التقريرأبقى علامة الاستفهام معلقة لعلها تجد من المتخصصين والمسؤولين أذنا صاغية لإعداد حلقة بل حلقات لحل هذه المشكلة التي لم تنفع فيها المحاضرات والندوات ومشاركة الأزواج فيها قبل الزواج لأنها نتاج حياة ربما جديدة أعطيت فيها المرأة مساحة كبيرة من القرار في اختيار الطلاق بالخلع والفدية أو الطلاق العادي وأعطي فيها الشباب خيارات سيئة لتخوفهم ولعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية الجديدة التي عادة ما تكون على رب الأسرة أو لتدخل أسر الزوج ورما الزوجة في حياة الشريكين سلبا أو قرناء السوء ممن لهم تجارب فاشلة في الزواج فيسقطونها على معارفهم في أماكن العمل أو المقاهي حديثا أو المناسبات بعيدا عن حكم من أهله وحكما من أهله وبعيدا عن لجان إصلاح ذات البين وهناك أسباب كثيرة لا حصر لها هنا لنترك الباب مشرعا لضيوف برامج ودراسات مستفيضة من الجامعات بالتعاون من وزارات عدة ذات علاقة ومحاكم وهيئات ربما تصل لنتائج تخمد نار هذه الظاهرة التي لو تفاقمت وزادت ستصل بنا في نهاية الرؤية القادمة والأهم في حياة مجتمعنا إلى أرقام فلكية وربما تكون عالمية قوامها خلال عشر سنوات تضاف للخمس التي مضت بخسائر اقتصادية تقدر ب( 105 ) مليار ريال وحالت طلاق تقدر بقرابة مليون ونصف المليون مطلقة يقابلهم نفس العدد من المطلقين فضلا عن تبعاتها الاجتماعية التي ستخلق لنا مجتمعا يسوده البغضاء والشحناء والقطيعة والكره والتفكك والسلوكيات السلبية التي أشار لها التقرير وهنا نتوقف وننتظر هل من مجيب لدعوتنا بدراسة هذه الحالة هذا العام وإيجاد السبل الكفيلة إما بخفضها وحسرها لا لحصرها كل عام والاكتفاء بسماع مثل هذا التقرير وكأنه خطة خمسية ننتظر نتائج مخرجاتها بعد كل خمسة أعوام والله من وراء القصد .
نقطة نظام :
نرجو من الجهات ذات العلاقة التأكد من طرفي النزاع في حالات الطلاق وعدم الاكتفاء بسماع طرف واحد قد يتخذ القرار بدون دراسة وافية لتبعاته الاجتماعية وبالذات في حالات طلاق البينونة ومحاولة تفعيل جهود إصلاح ذات البين ومن يريد لم شمل الأسرة .