الاختلاف والخلاف والنزاع بين البشر سنة كونية منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ حيث لا يخلو أي مجتمع من وجود دواعي الاختلاف الذي يتحول إلى خلاف يؤدي إلى نزاع، ثم إلى خصومة التي يبغضها الله -عز وجل- في قوله – تعالى -: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ).
وكما رُوي في الصحيحين البخاري ومسلم (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ».
إن بعض النفوس رجالاً أو نساءً لا تتورع في أن تكون من صفات الألد الخصم من خلال ما تتذرع به من أقوال، وحجج، وأوصاف سيئة ومشينة ضد الخصم فمهما حاول المصلحون أو حاول الخصم الطرف الآخر في الصلح والعفو يجد أبواب الصلح مغلقة أمام خصمه، وأمام المصلحين الذين يذكرونه بتقوى الله، وبما عند الله من الثواب في العفو والصلح، وما عنده من العقاب في العداوة والقطيعة فتأخذه العزة بالإثم كما قال -عز وجل- (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ).
وعلاوة على ذلك نرى البعض من هؤلاء لا يتورع في أن يظهر الاستعلاء والتكبر، وإظهار التجهم أمام خصمه فهو يرفض ويقطع الطريق أمام أي مبادرة في الصلح والإصلاح فيتعالى إما برفض رد السلام والمصافحة أو بالتهرب بطريقة غير مباشرة، ويصل الأمر سوءًا بصاحبه عندما يتبجح أمام الآخرين، ويظهر انتصاراته وشماتته وتشفيه في خصمه الذي بادر بالسلام والمصافحة، فيذهب ذلك الرجل اللدود منتشيًا بالتشفي في خصمه، ويعلن ويقص على الآخرين سوء لدوده وشنيع فعله، ورفضه للصلح والسلام.
ووجهة نظري وقناعتي التي أجدها من نعم الله على كل عبد مسلم يرجو ما عند الله من ثواب، ويخشى ماعنده من عقاب أن يستثمر مع الله تلك المواقف التي تقع فيها أسباب الخلاف والاختلاف مع أي إنسان، كان قريبًا أو بعيدًا وخاصة ممن تربطه به صلة قرابة أو رحم أو جوار أن يستثمر ذلك الموقف؛ ليكون من أصحاب الحظ العظيم، كما قال الله -عز وجل- في مدح هؤلاء الصابرون المبادرون بالصلح والسلام والعفو في قوله -عز وجل-: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
جميل ماسطره قلمك وجعله الله في ميزان حسناتكم