المقالات

“وزارة التعليم” أنموذجًا في إدارة أزمة “كورونا”

جميع أجهزة الدولة وقطاعاتها، وجهاتها الحكومية والأهلية والتطوعية بالمملكة العربية السعودية، تنادت للوقوف صفًا واحدًا لمواجهة جائحة “كورونا” المتفشية في جميع أنحاء العالم بصفة عامة، والتي ظهرت بعض تداعياتها في بلادنا الحبيبة على وجه الخصوص، والحد من آثارها، وذلك من منطلق ديني وأخلاقي ووطني، ولتنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة أيدها الله في هذا الشأن، لنشهد تلاحمًا وطنيًا أصيلًا، واستجابة منقطعة النظير من جميع القطاعات ومكونات المجتمع السعودي، ومن يقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة.

وتقف وزارة التعليم على رأس هذه الأجهزة، وفي مقدمة القطاعات التي كرّست جميع طاقاتها البشرية، وسخّرت كل ما تملك من وسائل تقنية حديثة ومتقدمة، لضمان سير العملية التعليمية، والتي في مقدمتها ويقف على رأسها: (مركز إنتاج محتوى المدرسة الافتراضية بمدينة الرياض)، والذي من أهم مكوناته وخدماته في التعليم العام: (قناة عين، ورابط قناة عين على اليوتيوب، وبوابة عين الإثرائية، وبوابة المستقبل، ومنظومة التعليم الموحدة)، وغيرها من وسائل تقنية، والتي بدورها تُشكِّل إضافة مهمّة للعمليات التربوية التي تتم بجهود المعلمين والمعلمات والمشرفين في إعداد المحتوى التعليمي للحصص اليومية وفق الخطّة الدراسية، ونقلها مباشرة من خلال 20 قناةً من قنوات عين التعليمية، وذلك منذ صدور قرار تعليق الدراسة، وما يصاحبها من تقنيات مساندة، تتمثل في فصول دراسية، مهيأة لشرح المعلمين والمعلمات للدروس، وطريقة مبتكرة لإيصال المحتوى التعليمي مباشرة إلى جميع طلاب وطالبات التعليم العام في المملكة، من خلال إستوديوهات بث مصممة وفق أعلى المستويات الفنية، والتي تُعدُّ هي نتاجًا طبيعيًا لعملية: (التحوّل الرقمي الكبير) الذي شهدته أروقة هذه “الوزارة”، التي تحوّلت بعد عشر ساعات فقط من إعلان تعليق الدراسة، بالكامل من نظام تعليمي يعتمد على حضور الطلاب، إلى نظام تعليمي آخر يعتمد خيار التعليم عن بُعد، يخدم نحو 6,000,000 ستة ملايين طالب وطالبة في التعليم العام، ونحو1,600,000 مليون وستمائة ألف طالب في التعليم الجامعي عن بُعد، على مستوى المملكة خلال فترة تعليق الدراسة، وعبر منصات وبرامج تقنية، وذلكبهدف إتاحة الفرص لجميع الطلاب والطالبات لكي يواصلوا تعليمهم من منازلهم، ويستثمروا أوقاتهم في التعليم وفق الخطة الدراسية المحددة، والذين بدورهم حلقّوا في رحلات علمية عن بُعد مع أساتذتهم، وتفاعلوا معهم، ليؤدوا اختباراتهم وتكاليف موادهم، ولتحقق وزارة التعليم في هذه المرحلةأرقامًا غير مسبوقة في جانب التعليم عن بُعد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تسخير “التقنية” لمواجهة هذا الظرف الطارئ والأزمة العابرة، التي من إيجابياتها أنها كرّست هذا التلاحم، وأوجدت فريقًا متحدًا قادرًا على تحقيق منجز تعليمي يفتخر كل مواطن ويعتز به كثيرًا، والتي ستنجلّي بإرادة المولى عزّ وجلّ وبفضله وقوته أولًا وأخيرًا، ثم بسب إيجاد الحلول البديلة وإتاحة استخدامها، وكذلك بفضل هذا التعاون والتكاتف والتعاضد، الذي يُعدُّ أنموذجًا يحتذي العالم به، ومثالًا رائعًا للوطنية وحب الوطن والالتفاف خلف القيادة الرشيدة أيدها الله – لتُجسِّد هذه المواقف، أدوار الجامعات والكليات والمعاهد والدارس، كمؤسسات وطنية مهمة في تحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز مكتسبات الوطن، والمشاركة في تطويره.

ولن أستطيع أن أُعدِّد ما بذلته وزارة “التعليم”، من جهود في هذا السياق، وهي التي تضطلع بأدوار مهمة ومحورية للنهوض بالعملية التعليمية بقطاعيها: (العام، والجامعي وذلك بوصفها دعامة أساسية من الدعائم المؤثرة في مسيرة المملكة التعليمية والتنموية، والتي يقودها ويقف على رأسها وزيرها الهمام معالي الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، الذي استهّل هذه الجهود، بعقد لقاء – عبر الاتصال المرئي – مع مديري الجامعات الحكومية،لمناقشة التعليم عن بُعد، وجهود الجامعات في التصدي لفيروس كورونا“، ووجه خلال هذا اللقاء، شكره لأعضاء هيئة التدريس والطلاب والطالبات على تفاعلهم عن بُعد، منذ اليوم الأول لتطبيق قرار تعليق الدراسة في 8 مارس 2020م، وذلك عبر منصات التعلم عن بُعد التي قامت “الوزارة” بتوفيرها، والتأكيد على أن العملية التعليمية في الجامعات مستمرة وفق الخطط والبرامج المحددة، ودعوة الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس،لبذل المزيد من الجهود المميزة للتعلّم عبر المنصات والبرامج الإلكترونية المعتمدة من الجامعات، مشددًا معاليه على توحيد جهود الجامعات لإقرار سياسات واضحة في التعليم عن بُعد، والجودة في التطبيق، بما يكفل حق الطالب والطالبة للتقييم بعدل وإنصاف، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي بذلتها الجامعات في تحقيق تلك المكتسبات، ووضع مصلحة الطالب والطالبة أولًا، والذي أعقبه لقاء آخر عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، مع مديري التعليم في المناطق والمحافظات، لمناقشة سير العمل في التعليم عن بُعد، ومشاركة وزارة التعليم وإداراتها في الجهود الوطنية للتصدي لهذا الفيروس، انطلاقًا من أن الوزارة بما تحمله من مسؤوليات وطنية، يعوّل عليها كثيرًا في أوقات الأزمات، ومن هذا المنطلق، فإنها ستواصل العمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتقديم أصولها وخدماتها، وإمكاناتها لخدمة المجتمع، بما في ذلك تجهيز المباني التعليمية لأي احتياج مستقبلي.

كما تتجلّى هذه الجهود في أبهى وأزهى صورها، في وضع كل المؤسسات التعليمية في إدارات التعليم والجامعات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، جميع إمكاناتها البشرية وطاقاتها الفنية، أمام اللجنة المعنية بفيروس كورونا، وتوفير كل الاحتياجات التي تراها معينة في أداء دورها، وتسهيل مهمتها الوطنية، حيث يمثّل التعليم محورًا مهمًا في إيصال الرسائل التوعوية والتثقيفية، باعتباره حاضرًا في كل بيت، ويمثل منسوبوه الشريحة الأكبر في المجتمع، مع قيام المسؤولين في الوزارة بالتنسيق مع وزارة الصحة للاستفادة من الإمكانات الكبيرة المتوافرة في المستشفيات والمراكز الصحية الجامعية من طواقم طبية، وتمريضية، ومنشآت صحية وتعليمية في عدد من مناطق المملكة، وتقديم بعض الخدمات اللوجيستية، من تغذية وتعقيم ومتابعة صحية، وتطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية التي تضمن سلامة المجتمع، بما يعزز من تكامل الأدوار التعليمية والصحية لخدمة أبناء هذا الوطن والمقيمين على أراضيه. هذا بجانب مشاركة أكثر من 30 قائدًا كشفيًابتعليم الطائف، في عدة أعمال تطوعية جنبًا إلى جنب مع صحة الطائف والأمانة وفرع التجارة بالمحافظة، في تقديم الخدمات التوعوية والوقائية من فيروس كورونا“، ومختلف الخدمات اللوجيستية الممكن تقديمها في هذه المرحلة، وذلك لدور العمل التطوعي في تعزيز الانتماء والولاء وبناء الشخصية الوطنية خصوصًا في أوقات الأزمات، ولاستثمار إمكانات الطلاب والطالبات،ومنحهم فرصةً لخدمة وطنهم في مختلف المجالات، ومنها جانب التطوع.

—————————

* وكيل معهد البحوث والدراسات الاستشارية للدراسات الاستشارية جامعة أم القرى

      أستاذ الهندسة البيئة والمياه المساعد – بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية.

Related Articles

One Comment

  1. حقيقة..شدني فيما سطرتم سعادة المهندس دكتور فيصل، وقد شملتم كل نهج تسلكه وزارة التعليم مع بدء الوباء والأوامر الكريمة بإغلاق مناهل العلم وتحويلها بجدية فاعلة إلى دراسة تعليمية عبر تقنيات التواصل التي شرعت أبوابها الوزارة وسخرتها في خدمة التعليم الجامعي والعام، بوركتم وقد أنصفتم الوزارة حقها بما يؤكد إطلاعكم على كل خطوات وإنجازات التعليم كافة، بارك الله تعالى كل يد تخلص للمهنة والوطن..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button