ظهر فيروس كورونا COVID-19 في مدينة ووهان الصينية، وانتشر في جميع أنحاء العالم انتشار النار في الهشيم مباغتًا كل خطط الطوارئ الاحترازية في كبريات الدول المتقدمة، مخلفًا تداعيات ألقت بظلالها على جميع المجالات ومظاهر الحياة فيها؛ فهبت -كل دولةٍ بحسب ما أوتيت من إمكانات- إلى تخفيف من هذه التداعيات والحد من تفشي هذا الفيروس الخطير بين مواطنيها؛ حيث كانت المملكة العربية السعودية –بفضل قيادتها الرشيدة- من أوائل الدول التي استشعرت الخطر مبكرًا، فاتخذت عدة إجراءات وتدابير احترازية مدعومة بحزمة قرارات غير مسبوقة للحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها، مثل تعليق الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية، وإيقاف صلاة الجمعة والجماعة في المساجد، وغيرها الكثير مما لا يتسع المقام لذكره.
لقد غيرت هذه القرارات الكثير من مظاهر وأنشطة الحياة اليومية التي اعتدنا عليها قبل جائحة كورونا، ولعل من أهمها قرار التحول الكامل للتعليم في الجامعات والمدارس من شكله الاعتيادي إلى التعليم عن بعد الذي ساهم في استمرارية العملية التعليمية عبر منصات التعليم الإلكترونية، فاستمرت المحاضرات على أكمل وجه، وأستثمر الأستاذ وطلابه مزايا الفصول الافتراضية التقنية التي فاقت الطريقة التقليدية في شرح الدروس وإيصال المعلومة، أقول ذلك من واقع تجربة كوني أستاذًا جامعيًا أُدرِس مواد نظرية لاتحتاج إلى معامل أو تجارب مخبرية، فتلك يُسأل عنها أصحاب التخصص فهم –لاشك- أقدر وأجدر مني تقييمًا وحكمًا، كما يُسأل خبراء التقنية عن إمكانية وضع تصور لاحتواء متطلبات تدريس تلك التخصصات وحل مشكلاتها إن وجدت، ولن أخوض -أيضًا – في جدوى التعليم عن بعد لطلاب التعليم العام؛ فللتربويين كلمة الفصل في ذلك، فأنا إذًا أتحدث عن التعليم عن بعد الجامعي ومافوق الجامعي في التخصصات النظرية متسائلًا: هل ستستمر المحاضرات عن طريق المنصات الإلكترونية بعد أن تضع جائحة كورونا أوزارها قريبًا إن شاء الله؟ أم هل سنعود سيرتنا الأولى؟ وتساؤلاتي أيضًا للمختصين عن الجدوى الاقتصادية للتعليم عن بعد على مستوى الطالب والجامعة: فكم سيوفر الطالب من الجهد والوقت والمال؟ وفي المقابل كم ستوفر الجامعات من التكاليف المترتبة على حضور الطلاب من استخدام المرافق وأعمال النظافة والصيانة الدورية واستهلاك الكهرباء والمياه؟ وكيف سيتيح التعليم عن بعد للجامعات فرصًا استثمارية كإمكانية زيادة الطاقة الاستيعابية للبرامج الدراسية والدورات المتخصصة المدفوعة لقبول أكبر عدد من الطلاب أينما كانوا والتي ستكون أحد مصادر دخل الجامعات المهمة في المستقبل، والتي تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030؟ كما أرجو أن تجد هذه التساؤلات عناية من الباحثين، وأن يتم تطبيقها على مجالات حيوية أخرى غير التعليم.
————————-
استاذ اللغة الإنجليزية واللغويات المساعد بجامعة الباحة
تحدي كورونا وحظر كورونا ترفع من امكانيات التعليم عن بعد وحل كل الصعوبات وتطويرها وستصبح احدي الادوات المسانده للتعليم المنتظم في الجامعات
احسنت يادكتور، مثل هذه التساؤلات نهاية مقالتكم الرائعة ستولهم الباحثين في دراستها والتحقق من فايدتها المرجوة ولنا،في (ابشر) خير المثال.
اضم صوتي إلى صوتك فالأزمات ليست شراً مُطلقاً! اقصد انا كورونا مولهمة رغم شريها.
تحياتي لا معاليكم يادكتور عبدالله
أرجو ذلك أستاذي
تحياتي
هذا بالضبط ما دارت التساؤلات حوله، كثير من الاكتشافات والاختراعات خرجت وقت الأزمات واستثمرها الإنسان.
جزيل شكري وفائق تقديري