يتوقع البعض أن حياتنا أصبحت مشلولة الأيدي والأرجل بعد قرارات منع التجول، وأنها قيدت من حُرية من كان (سرداح مرداح) (والليالي الملاح) !
بينما يعلم العاقل أن هذه القرارات الاحترازية المدروسة لم تأتِ عبثًا فالدولة تعلم تبعات هذه الأمور الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية،
ولكن المثل الشعبي يقول: (وش حدك على المُر قال إللي أمرّ منه).
وما علينا إلا أن نلزم بيوتنا ونترك “الاستهتار” وما يسوّق له بعض الشواذ والمشاهير من “الغشمرة” المبتذلة التي قد تهوي بالمجتمع في مكان سحيق.
يقول المؤرخ العراقي على الوردي: عندما انتشر وباء الكوليرا في العراق أثناء الحكم العثماني حجر اليهود أنفسهم في بيوتهم بأمر من الحاخامات اليهودية فسلموا من الموت،
وعندما سأل المسلمون مرجعياتهم الشيعية والسنية جاء ردهم: (قل لن يصينا إلا ماكتب الله لنا ) فمات أعداد كبيرة من الناس، وأبيدت قُرى بأكملها.
ولم يرتفع الطاعون في بلاد الشام إلا بعد تولي عمرو بن العاص الإمارة في الشام، عندما أخذ بنصيحة عمر بن الخطاب بالخروج بالناس إلى الجبال؛ لأن الطاعون لا ينتشر هناك؛ فخطب فيهم قائلاً: “أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال”.
ولكن “لا” يأخذ أحدكم الحماس، ويتسربل الخوف إلى قلبه ويشد رحاله إلى الجبال التي تُحيط بمنزله، وقد قيل بالأمثال: يمكن فتح باب بمفتاح أو مطرقة، والفرق بينهما هو الحكمة.
يقول الدكتور مصطفى محمود: إذا نزل مؤمن وكافر البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة فالله لا يُحابي الجهلاء …
والتاريخ يُعيد نفسه اليوم والمعتقدات الخاطئة الراسخة يتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل؛ حيث قال بعض الجهلاء في “قم” أن بركة تراب الحسين سينجينا من كورونا حتى انتشر الوباء فيهم انتشار النار في الهشيم، وأصبحوا يتساقطون صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية.
في أرض الكنانة حينما يشعر أحدهم بخطر داهم وهو برفقة صديقه يقول له بملء فيه: “صحصح ياعم العمر مش بعزئة”.