عبدالرحمن العامري

دُروسٌ مِنْ الجائِحَةِ

في ظل الانتشار الكبير لفيروس كورونا (كوفيد١٩) في كل أنحاء العالم، وما أصاب الملايين من الذعر منه، ومن خلال النظر بشيء من العمق على حياة الناس بعد هذه الجائحة التي تعيشها البشرية جمعاء، نجد العديد من الدروس المفيدة رغم سلبيات كورونا المتعددة، وقد يستغرب البعض من ذلك، ولكن سأتطرق إلى قائمة إيجابيات ربما غابت عن البعض فالعالم حتمًا سيتغير بسبب هذه الجائحة وحين تنتهي -بإذن الله -ستظهر ثقافة ما بعد هذه الجائحة جلية؛ حيث علمتنا الكثير من الدروس والعبر:

فقد علّمتنا أن الإنسان ضعيف مهما كانت سلطته وشهرته، فهذا الفيروس لا يهاجم الفقراء ولا الضعفاء، بل يصيب كل بني البشر صغارًا وكبارًا لذلك فلا فائدة من العنصرية فكلنا مجموعة من الخلايا استطاع فيروس لا نراه بالعين المجردة هزيمتها رغم كل الاحتياطات التي اتخذناها !

وعلمتنا أن العالم قرية صغيرة، فمخلوق ضئيل لا يُرى بالعين المجردة استطاع الانتقال إلى معظم دول العالم في غضون أيام، بالرغم من اختلاف الثقافة وتباعد الحدود والجغرافيا؛ لذلك أصبح مصيرنا واحدًا، ومن الضروري نبذ كل الخلافات السياسية، وإيقاف تلك الحروب الإبادية التي أزهقت الأرواح، وجعلت العالم يتسابق على تصنيع وحمل السلاح.

ومن دروس هذه الجائحة إعطاء كل ذي حق حقه بعد أن اختلت الموازين؛ حيث كان العلماء والأطباء، ومن في حكمهم يعملون دون أن تبرز جهودهم فكانت الأضواء تلاحق الفنانين ومشاهير التواصل الاجتماعي، ثم جاء الفيروس متناهي الصغر، وأعاد للعلم والعلماء والأطباء مكانتهم المستحقة، نظير تضحياتهم التي ظهرت جليًا مع ظهور هذا الوباء.

ولعل أبرز ما قدمته أزمة كورونا أن الناس أصبحوا أكثر وعيًا واهتمامًا بصحتهم من خلال غسل وتعقيم أيديهم، والحرص على تناول أطعمة صحية من صنع منازلهم فاستغنوا عن الوجبات السريعة والمطاعم التي كانوا يدمنونها، وهذا يدل بكل بساطة أننا لجأنا لدعم جهازنا المناعي من خلال الحرص على النظام الصحي.

كما عززت هذه الجائحة روح التضامن والتأزر بين المواطنين، فاستشعروا المسؤولية، وعرفوا أهمية التعاون بين السكان فأصبح التضامن “شعارًا للمرحلة”، وعرف الناس أهمية التطوع في الأزمات وتطبيق ما يملى عليهم من التعليمات.
ومن دروس الجائحة ما لمسناه من ضرورة أن يكون لدينا نظام صحي متكامل، يقوم على طاقم طبي مهني وأجهزة طبية متطورة وفعالة، ومختبرات لإنتاج الأدوية ومراكز بحوث علمية ورفع لكفاءة الكوادر الصحية، وزيادة أعدادهم.

ومجمل القول، فإن هناك دروس وعبر كثيرة لقنتها جائحة كرونا لكل دول العالم، ولعل أهم درس تعلمته تلك الدول هو أن خير وسيلة للدفاع الهجوم، ولعل ما قامت به حكومتنا الرشيدة خير مثال على ذلك فقد أشاد العالم بجهود قيادتنا في مكافحة فيروس كورونا المستجد والسعي لكبحه، وإظهارها روح المسؤولية ليس تجاه شعبها فقط، بل تجاه شعوب العالم أجمع فحزمة الإجراءات الاحترازية المبكرة التي اتخذتها المملكة قلصت من انتشار هذا الوباء، وما إيقاف حملات العمرة وجميع الأنشطة الاقتصادية والثقافية والرياضية إلا خير دليل على ذلك، وكل هذه الاحترازات جاءت من منطلق الحفاظ على الأرواح والوصول إلى بر الأمان بإذن الله.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button