المقالات

الجزء الممتلئ من الكأس !

حلّ علينا شهر رمضان المبارك، والذي يعد أحد أهم الشهور التي ينتظرها المسلمون بشوق كبير من أجل إحياء شعائره، والاستمتاع بأجوائه الروحانية التي يمتاز بها عن غيره من الأوقات والشهور.
‫ فرمضان شهر للعبادات والعادات؛ وخاصة ‬الشعائر الدينية التي كانت الأكثر تأثرًا هذا العام بانتشار جائحة كورونا ( كوفيد ١٩) مما جعل إحياء صلاة التراويح في المساجد أمرًا مستحيلًا؛ فضلًا عن الصلوات الأخرى التي يقيمها المسلمون خلال اليوم في منازلهم منذ ظهور وتفشي هذه الجائحة.
كما أنه وللمرّة الأولى في التاريخ الحديث، تخلو ساحات الحرم المكّي بالكامل في شهر رمضان المبارك من المصلّين، إلى أجل غير مسمّى بسبب فيروس كورونا الذي لا نعلم إلى متى سيطول أمده فقد فرض كلمته على عادات رمضانية ألفناها على مدى عقود من الزمن.
إلا إننا لو نظرنا للجزء الممتلئ من الكأس، وتجاهلنا النصف الفارغ منه لعرفنا أن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، وأن هذه الجائحة رغم قسوتها على المسلمين في هذا الشهر بالتحديد إلا أنها قدمت لنا فوائد جمة ودروسًة ربانية ستؤتي ثمارها في حياتنا اليومية، ولو بعد حين، وستمضي ليالي رمضان في أجواء عائلية وجلسات إيمانية تحفها الملائكة وتغشاها السكينة.
فعلى الرغم من فقدان الشهر لأبرز ما يميزه من عبادات جماعية واقتصار الأمر على التعبد الفردي مع الأسرة الصغيرة داخل البيت بدلًا من مظاهر التعبد الجماعي إلا أنها ربما تكون  تجربة جيدة أن يعيش الفرد رمضان بعيدًا عن المظاهر التي تخرجه في كثير من الأحيان عن مقاصده، وسنكون هذا العام أقرب إلى عائلاتنا وأبنائنا، فإقامة صلاة التراويح مع أُسرنا في البيوت لا تتعارض مع الشرع الذي من كماله التيسير والتسهيل على الناس.
وعلى الصعيد الاجتماعي يعتبر فرصة لتلاقي الأسر والعائلات حول مائدة الإفطار في موعد واحد، والتقليل من الذهاب إلى الأسواق من غير حاجة ملحة، وسيكون له الأثر في ميزانية الأسرة حيث ستوفر وتدخر جزءًا من دخلها الشهري الذي كان ينفق على الكماليات التي لاحاجة لها.
ومن أبرز الفوائد التي ستعود على صحة المواطنين القضاء على بعض المظاهر والعادات غير الصحية كالسهر خارج البيوت في المقاهي والكافيهات، والتي أصبحت عادة ارتبط الناس بها؛ وخاصة في شهر رمضان المبارك.
وأخيرًا يبقى التأقلم مع الوضع الحالي بحسب نظرتنا إلى الجزء الممتلئ من الكأس، فهي تمثل نظرة المؤمن الذي يؤمن بالقدر خيره وشره، وسنكتشف بعد انتهاء هذا الوباء أن الله أراد لنا الخير فالله أرحم بنا من الأم على ولدها لذلك، وحتى انتهاء هذه الجائحة دعونا نضع على حاء الحيرة نقطة فذلك يعطينا قوة صبر وزيادة في إيماننا بإرادة الله.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button