اعتدنا على أن العدد (صفر) لا قيمة له، وإن كنا نعرف جميعًا أن إضافته لأي عدد تعني زيادة قيمته، فكل صفر يضاف إلى العدد يضاعف قيمته.
يا للصفر! لا قيمة له -ماديًّا- لكنه يرفع القيمة المادية لأي عدد من الأعداد، التي هي أكبر منه من حيث القيمة، هكذا كان الصفر. ودائمًا كنا نجعل الرقم (صفر) رمزًا للفشل والتجاهل واللاشيء، فحين يقال لك أنت (صفر) يعني أنك لا شيء، والعرب تقول “وعاد من مصر صفر اليدين”، وهي تريد الدلالة ذاتها على انعدام الكسب وضياع الجهد.
لكن (الصفر) الذي لا قيمة له يظل يرفع قيم الأشياء والأحداث من حولنا، دائمًا وأبدًا؛ ففي هذه الجائحة -مثلًا -جائحة كوفيد١٩- صار الرقم (صفر) مطلب العالم أجمع، فالكل ينظر في إحصائيات الإصابات، مترقبًا أن تصل إلى (الصفر).
فهل خطر في بالنا، أو دار في خيالنا يومًا أن يغدو (الصفر) مطلبًا عالميًّا، وهدفًا دوليًّا، وأن تجتمع دول العالم على ترقب الرقم (صفر)، في كل دولة يحط بها كوفيد١٩ رحاله، بصرف النظر عن الوجهة واللغة والديانة والعرق.
لقد صار (الصفر) قرارًا دوليًّا، وخيارًا وحيدًا للنجاة. واستطاع الصفر أن يجمع العالم كله على مائدته، لكن كيف سنعود نحن من تلك المائدة ومن هذا الاجتماع، هل نعود-لاسمح الله- صفر اليدين؟!
تذكرت وأنا أفكر في قيم العدد صفر في هذه الظروف المقولة الدارجة في وصف الشخص العصامي “فلان بدأ من الصفر”، ودار في ذهني هذا السؤال: هل نستفيد في هذه الظروف من التجربة، ونبدأ من الصفر؟
نعم نبدأ من الصفر في الاهتمام بالقطاعات الطبية، ومتطلبات الرعاية الصحية.
نبدأ من الصفر في الاستثمار في البحوث الطبية، وافتتاح المختبرات عالية الجودة.
نبدأ من الصفر في تدريب الكوادر الطبية على احتواء الكوارث والاستعداد لما هو غير متوقع في خططنا السابقة.
نبدأ من الصفر في مجال الجوائز التشجيعية للأطباء والكوادر الطبية في المستشفيات، أسوة بجوائز الثقافة والفن.
هؤلاء الأطباء الذين أثبتت لنا الجائحة أنهم يستحقون التكريم والتشجيع، ويستحقون الحوافز، لابد أن نتذكرهم بعد أن يتحقق لنا الرقم (صفر) في عدد المصابين، بإذن الله، وأن ندعمهم ونشجعهم على البحث في مجالات الطبية والصحة وفي مجال الأدوية، حتى لا تفاجئنا أزمة قادمة، لا سمح الله، نضطر فيها إلى أن نبدأ من الصفر، حين لا ننتفع بالتجارب السابقة.
————-
فنية مختبرات
كلام جميل وواقعي واعجبني , شكراً رغد ♥️
مقالة جدا رائعة و بداية موفقه يارب ♥️
وانا جدا فخوره فيك.
سطور من ذهب وكلام يلامس الواقع
أسأل الله ان يديم الامن والامان وان يحفظنا جميعاً
دمتِ بحفظ الله .