المقالات

“شتـّان”

التنفير عنصر بغيض في كل الأحوال ، فهو محطّم نفسي رهيب ، والملكة الفردية تقتضي الانتقاء ، لاسيما عندما يتعلق المصير بشعب كامل وقوته، والأدهى من ذلك عندما يكون المسئول مؤهلًا للقول من عدمه .
تصريحان لمسئولينِ في قطاعين من أهم القطاعات الحكومية ، الأول : يتعلق بـمصير أرزاق الناس ، والثاني : يتعلق بحياتهم ، ولم يكن بين التصريحين سوى بضعة أيام ، الأول :حمل ألمًا نفسيًا وترقب محفوف بالخوف ، والثاني: اتسم بالطمأنينة والهدوء وبثّ الأمل ، وبرغم أن القطاعين متعارضان على خط سير الحياة ، فقطاع المالية يرتبط تاريخيًا بالمال ، والازدهار ، والتنمية ، وأفق الحياة ، بينما قطاع الصحة يعيش محاولة انقاذ البشرية من الأوبئة ، والأمراض ، وفي أسوأ الحالات تكون الوفاة .

نعم لقد أطل علينا وزير المالية بقوله : ” هناك إجراءات مؤلمة …” ، بينما جاء قول الوزير الربيعة : ” نبشركم” وقال أنتم في السعودية التي جعلت الإنسان أولًا …” ، وهذا يعيدنا إلى مركزية الانتقاء وبث البشرى والوعي بالمسئولية ، ومن وجهة نظر مواطن بسيط لم يوفق وزير المالية في اختيار ألفاظه ، فقد لاقت ردة فعل شعبية محمومة ، بينما استقبل المواطنون وغيرهم ممن يعيش على تراب هذه الأرض المباركة كلام وزير الصحة بالرحابة والاطمئنان ، الذي كان بمثابة شرب الماء البارد على ظمإٍ وعطش طويلين .

نحن مع حكومتنا في السراء والضراء ، ولكن ليكن المسئول على قدر المنصب ، واختيار الألفاظ سمة بارزة لا يجيدها إلّا الحاذق المرن ، ولعل الدائرة المحيطة بالوزير تعي مسئولياتها وتعد العدّة قبل الأمر ، فقد قالوا قديمًا في الأمثال : ” قبل الرمي يُراش السهم ” ، ولعل القارىء الكريم يعود للعم قوقل ويسأله عن فحوى المثل ودمتم بصحة ووافر المال ، وشهركم كريم مبارك .

Related Articles

4 Comments

  1. كالعادة إبداع د.نايف والتبشير سنة نبوية عن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا))؛ متفق عليه.
    وتذكرت قصة اثنين من الباعة أحدهما يبيع عسل والآخر يبيع خلّ ، والناس تشتري الخل أكثر من العسل ، فغضب صاحب العسل ، وذهب يسأل صاحب الخل وقال له : العسل أحلى من الخل وذكر في القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى به
    والخل سيء الطعم والرائحة ولكني أرى الناس تشتري منك الخل أكثر مما تشتري مني العسل
    فقال صاحب الخل انت تبيع العسل بلسان الخل وأنا ابيع الخل بلسان العسل
    دمت بخير وصحة وعافية وسعة رزق

  2. أوجزت فأنجزت ووصفت فأحسن ..
    واختيارك البلاغي للعنوان خير مثال ، وكأني أقرأ العنوان على إنه المثل المشهور : شتان مابين الثرى والثريا .

  3. بارك الله فيك ابا عبدالعزيز وفعلا شتان تسلم يدينك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button