موضوع النقوش في منطقة الباحة سراة وتهامة وبادية موضوع شيّق يحتاج للبحث والتنقيب والمحافظة باعتبارها تراث موروث ومعالم سياحية هامّة سواء كان في البيوت القديمة أو الأدوات الزراعية والمنزلية والحلي والملابس والمفارش وغيرها مما كان يستخدمه إنسان هذه المنطقة مئات السنين ولعلنا نقف معكم على منجز في هذا الشأن يتمثل في ما حمل كتاب المهندس سعيد الحسيل رئيس بلدية سابق حول البناء والنقوش في منطقة الباحة التي ربما لها خصوصية بهذا النوع من أنواع البناء في داخل البيوت وخارجها كما هو شأن كثير من مناطق ومحافظات وقرى المملكة حيث حمل الكتاب المصور عشرات الصور لمباني وحصون وقرى أثرية وقطع خشبية منقوشة لأبواب المنازل ونوافذها وللحواجز التي كانت تعمل بين الغرف في داخل البيوت وتسمى في الباحة ( الشبكة ) بتسكين حرف الباء منقوشة من الأمام باتجاه المجالس .
هذه المباني شواهد مهملة لم تلق العناية من جهات الاختصاص كذلك في البيوت القديمة بعض المسميات للأخشاب التي يقوم عليها البناء ومنها الدعم أو الزافر مخروطي الشكل للأسفل الذي يدعم السقف ليحمل مجموعة خشب السواري الغليظ وهي عبارة عن أخشاب معتدلة طويلة غليظة منقوشة تعلو ما يسمى بالوسادة التي تعلو الزافر ذات شكل مخروطي متناسق تبدأ ربما من قاعدة الزافر بنصف متر وتنتهي بنهاية الوسادة التي لا تقل عن متر وسماكة لا تقل عن عشرين سم حتى يستطيع النجار رسم النقوش التي تليق بها وخاصة تلك التي تقام في مجالس الرجال فهي تزين بطريقة فنية أكثر دقة وأكثر جمالا وتنوعا في النقوش وكانت تطلى بمادة القار الأسود ثم بعد أن وردت الألوان من جدة بدأ النجار يستخدم الفرشاة بمقاسات معينة ليلون تلك النقوش فظهرت أكثر جمالا ولازالت بعض هذه البيوت قائمة إلا أنها هجرها أهلها واستغنوا عنها بعد أن نقلوا لمباني سكنية حديثة وبقيت أطلالا لا يستفاد منها نتيجة للإهمال وعدم اكتشاف هذه الكنوز وتطويعها لتكون مواقع أثرية تبين الفكر الذي كان يحمله الحرفيون الشعبيون من استغلال مواهبهم وهواياتهم وتطويعها لصالح البناء لبيوتهم ومساجدهم وحصونهم والنقوش في منطقة الباحة لا تقتصر على الأخشاب والأحجار والجدران الطينية فحسب ولكنها تتعدى لتشمل أدوات الزراعة مثلا ومنها بعض أدوات الحرث كعود المحراث والضمد الذي يربط بين الثورين أو الدابتين أثناء الحرث وما يسمونه بالدّياس في الجرين وكالمقصب الذي يوزع الأرض لأحواض بعد تسويتها بالمدمس الذي يسوي كامل الأرض بعد الانتهاء من حرثها وكانت النقوش تساير كثير من المصنوعات ومنها الحلي الفضية للنساء والملابس الشعبية المطرزة عند الخياطين وما يسمى بالعباءة المصنوعة من صوف الأغنام المصبوغ بالألوان للنساء والجبّة الملونة بخيوط الصوف تستخدمها النساء ومنها للرجال يتم نقشها فقط في الأكمام وحوافها من الأمام .
النقوش كانت أيضا تدخل في أواني الطبخ كقدور الفخار وبعض الصحون الخشبية ومنها ما يسمونه بالصحفة بمقاسات مختلفة يقدم فيها الأكل في الولائم والأعراس والأعياد وتستخدم النقوش في مكاييل الحبوب وغربال تنقية الحب من الشوائب في موسم الحصاد والدياس وتستخدم في مصنوعات الخوص وهي لازالت حتى الآن وخاصة في المخواة وتستخدم في الأسلحة القديمة في كراسيها الخشبية ومعاليقها الجلدية وكانت النقوش تدخل في ما يسمى بقتّابة الجمل ( الخي ) وبردعة الحمار والخرج الذي يستوعب المشتريات من السوق كذلك في غمد السيف وقبضته ولحاق الجنبية وقبضتها بالفضة وختام بيتها من جهة رأسها المغمد وتستخدم النقوش في أبواب ونوافذ البيوت الخارجية وفي ما يسمونه الجباهة التي تعلو الباب والشبابيك وأبواب الأحواش كذلك كانوا يستخدمون النقوش حتى في بعض القبور القديمة ومنها قبور الزينات المرصعة بأحجار المرو الأبيض في بني كبير ومئات الحصون المتوجة بمثلثات المرو أيضا المهندس الحسيل في كتابه الوحيد الذي اهتم بهذه المباني والنقوش أكد بأن المنطقة تحفل بنقوش ليست من قبل الإسلام فحسب بل قبل الميلاد وهذه الحقيقة ثابتة بواسطة الطرق والأسواق وكثير من المعالم القديمة وبهذا فالنقوش لا يمكن تحديد منطقة بعينها ولا أولوية لمكان دون آخر على مستوى المملكة فهي قديمة منذ قدم سكان الجزيرة العربية ومرت بتطورات وتحولات متلاحقة وكان كل جزء من المملكة له طابعه العمراني وله أدوات بنائه الخاصة وله طرازه المعماري ونقوشه المستوحاة من بيئته وحياة سكانه وتضاريسه ونباتاته وأشجاره التي يستعين بها في البناء الذي يعتمد على مقومات رئيسية مصادرها الأخشاب والأحجار والتربة ويؤرخ المؤرخون بأن مكة المكرمة والمدينة المنورة الراسختين في القدم تعتبر من أوائل المواقع التي شهدت النقوش في المنازل والمساجد تلتها البصرة والكوفة والفسطاط والقيروان وبغداد فالقاهرة حسب ما أوردته مجلة البلديات في عددها 28 التي استشهد بها المؤلف في عرضه للمدن التي شهدت التشييد في بداية التاريخ الهجري في صدر الإسلام .
شكراً للكاتب والصحيفة وياليت نعرف فين نجد هذا الكتاب لنتعرف أكثر على صور هذه النقوش ومواقعها نرجو أن يدلنا الكاتب أو من لديه علم بالدار التي نشرته والمكتبات التي يتواجد بها الكتاب .