أسامة زيتوني

التلفزيون السعودي..والزمن الجميل !!

تحظى برامج المسابقات في شهر رمضان المبارك بقابلية جماهيرية كبيرة؛ خاصة تلك التي تتميز بتنوع الثقافة والمعرفة والمعلومات العامة والمتنوعة التي تساهم في إثراء المخزون المعرفي لدى المشاهد في شتى العلوم والتي تأتي بأسلوب لا يخلو من المتعة والتشويق والإثارة، ما يؤكد أن جمهور المشاهدين متعطشون إلى مثل هذا النوع من البرامج المفيدة والممتعة، فعلى الرغم من طغيان الجوانب التقنية ووسائل السوشال ميديا، إلا أن المشاهد لا يزال يتعطش إلى المادة التلفزيونية الهادفة والمعلومة المفيدة والممتعة؛ وذلك ما يدفع غالبية الجهات المنتجة لتطوير أدواتها خاصة مع كل إطلالة لشهر رمضان المبارك.
ولكن لا يزال المتتبع يلاحظ محدودية برامج المسابقات الثقافية القيمة في رمضان بدرجة كبيرة في معظم القنوات، وغيابها وتراجعها بشكل كبير، ولعل القنوات السعودية في مقدمة تلك القنوات التي أغفلت هذا الجانب الثقافي في السنوات الأخيرة، علمًا بأنها كانت من أبرز البرامج التي طالما استرعت اهتمام نسبة كبيرة من المشاهدين والمتابعين والمشاركين، في سنوات ماضية، بما يشير إلى أنها مطلوبة من قبل شريحة كبيرة من الجماهير، وليس أدل على ذلك من المتابعة الكبيرة التي تحظى بها قناة (ذكريات) التي استحدثها التلفزيون السعودي مؤخرًا، والتي لاقت استحسانًا كبيرًا من الجمهور لما فيها من برامج قيمة ومسابقات ثقافية ذات محتوى جيد، مثل بنك المعلومات وبرنامج حروف وسباق المشاهدين؛ إضافة إلى بعض المسلسلات الهادفة التي تحكي قصص ونوادر شخصيات عربية قديمة وبأسلوب يجمع بين الفائدة والمتعة، وغير ذلك من البرامج التي تميزت بها القنوات السعودية في تلك الحقبة التي يحلو للبعض أن يطلق عليها (الزمن الجميل)، على عكس الوقت الحاضر الذي يشهد شحًا في البرامج الثقافية، مع العلم بأن من أهم الأدوار التي يجب أن يقوم بها الإعلام هي الثقافة والمعرفة والتعليم، فما أحوجنا إلى برامج تركز على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا العربية والإسلامية، وتتناول سِيَرْ الصحابة والتابعين والفاتحين والقادة المسلمين، وكذلك شخصياتنا الوطنية وإنجازاتنا الحضارية، وتعمل على تنمية ثقافة المشاهدين والتعريف بماضينا العريق ورفع درجة الوعي لدى الجمهور بمختلف فئاته.

للأسف فإن معظم القنوات الفضائية حاليًّا، تبث برامج مسابقات لا تتعدى مجرد التهريج والتسلية وتضييع الوقت دون هدف أو معلومة، بل ولا تخلو في أغلب الأحيان من التفاهة والإسفاف والمحتوى الهابط، وتستضيف شخصيات لا تمثل المجتمع في شيء، بل وتصنع منهم أبطالاً وقدوة، (وأقول معظم وليس كل) ، هذا عدا القنوات الأخرى التي تسعى إلى الربح فقط، فبرامجها ومسابقاتها تخضع للرسائل الدعائية عبر الـsms، والتي تدر أرباحًا طائلة لشركات «وسيطة في الاتصالات» ، وهنا سؤال آخر عن شرعية وقانونية تجارة الـ «sms» التي تنتشر في شهر رمضان بشكل واسع، وعن غياب رقابة الجهات المسؤولة عن ذلك، وعن الاستغلال الذي يتعرض له المتصلون بمسابقات قد تكون وهمية أصلًا.

عمومًا ليس حديثي الآن عن هذه التجاوزات التي تنتهكها بعض القنوات، وإنما أتحدث عن برامج المسابقات الثقافية والعلمية التي غابت في قنواتنا، وعن سبب غيابها، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة لها لتعريف أجيالنا الحالية والقادمة بثقافتنا وعراقتنا، فنحن نعلم تمامًا أن التطور الحاصل في التقنية ووسائل التواصل والثورة الصناعية وقوات اليوتيوب وغيرها .. استحوذت تمامًا على أبناء هذا الجيل؛ خاصة مع عدم وجود ما ينافسها في القنوات التلفزيونية، وبسبب عزوف القائمين على الإذاعات ومحطات التلفزة عن إعداد البرامج الثقافية وصناعة محتوى قيم ومفيد، لإعتقادهم بعدم جدواها، الأمر الذي أدى إلى سحب البساط من القنوات الفضائية، ربما لعجزها عن التطوير والتنويع في تقديم محتوى منافس وبثوب يتماشى مع العصر.

فلا زلنا متفائلين بأن الرغبة موجودة لدى القنوات التلفزيونية والقائمين عليها والمذيعين والمعدّين، ونحن واثقون بأنهم ما زال لديهم القناعة بأهمية تلك البرامج في جذب المشاهد، ولكنهم في ذات الوقت يفتقدون للأفكار الجديدة التي يجب أن تواكب تقنيات العصر، بل وتنافسها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمةالله وبركاته اخي وجاري العزيزوفقك
    الله واعانك مقال اكثرمن رائع أرجو لك التوفيق وآلي
    الامام ياابااحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى