– أنا مُمتن لك يا الله على هذا الفيروس؛ لأنه قربني من أفراد عائلتي، نعم ممتن!
- أنا ممتن لك يا الله للمنزل الذي يأويني من شر الفيروس!
- أنا ممتن لمن أعد هذا الإفطار اللذيذ!
ما تلك الجمل؟
أنا أمارس ثقافة الامتنان التي لا وجود لها إلا قليل القليل، بالمناسبة متى آخر مرة قُلت شكرًا؟
أعتقد أنه اليوم لسائق التوصيل أو أمس لأخيك الصغير عندما أحضر لك كأس العصير أو ربما من قريب جدًّا، لكن متى كنت ممتن لشخصٍ؟
الامتنان ليس لفظًا ينطق للتقدير كالشكر، إنما شعور ينبع من القلب للنعم التي تحيط بك، النعم التي زاحمتنا ولم نعد نشعر بها، فالامتنان هو طريقة للناس لتقدير ما لديهم بدلاً من الحصول على شيء جديد على أمل أن يجعلهم أكثر سعادة، أو يعتقدون أنهم لا يشعرون بالرضا حتى يتم تلبية كل الاحتياجات المادية، فالامتنان يساعد الناس على إعادة التركيز على ما لديهم بدلًا من ما يفتقرون إليه!
أشارت الأبحاث أن للامتنان فوائد كثيرة للصحة البدنية: في إحدى الدراسات تحسن المرضى الذين يعانون من أعراض أمراض القلب من خلال ممارسة الامتنان المنتظمة.
عاطفية الصحة: ايمي موران، الإخصائي الاجتماعي الإكلينيكي تشير إلى دراسة تفيد بأن الامتنان يساعد على زيادة التعاطف وتقليل العدوان.
وللصحة العقلية في دراسة أخرى، كان الاحتفاظ بدفتر امتنان على المدى الطويل مؤشرًا أفضل للحفاظ على السعادة.
ونظرت دراسات أخرى في كيفية تحسين الامتنان للعلاقات؟
وجدت دراسة للأزواج أن الأفراد الذين استغرقوا وقتًا للتعبير عن الامتنان لشريكهم لم يشعروا بإيجابية تجاه الشخص الآخر فحسب، بل شعروا أيضًا براحة أكبر في الفضفضة عن مخاوفهم بشأن علاقتهم العاطفية.
وأيضاً قد يلاحظ المديرون الذين يتذكرون قول: “شكرًا لك” للموظفين يُشعرهم بالحماس للعمل.
إذًا كيف أكون مُمتنًا، ويكون الامتنان أسلوب حياة؟
ببساطة لكي تمتلك عادة فأشارت الدراسات أن ممارسة ماتريد أن تعتاده لمدة ٢١ يومًا، يجعلك تحافظ عليه بقية حياتك.
ولكي تعتاد على شكر الله -عز وجل- ابدأ في الاعتياد على شُكر الناس على معروفهم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا يشكر الله من لا يشكر الناس).
فديننا الحنيف اعتادنا على الشُكر والامتنان من أن تستيقظ من نومك حتى تعود للنوم، فعند الاستيقاظ نقول دعاء الاستيقاظ “الحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”،
وأذكار الصباح “اللهم ماأصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر”،
والله وعدنا في كتابه الكريم بقوله: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
فمتى آخر مرة استشعرت بقلبك هذه الأدعية؟
غيّر من نظرتك للواقع، دع الامتنان لنعم الله يدخل عالمك، استشعر فضل الله عليك في جميع جوانب حياتك.
من أجل غد أجمل دع الرضا يتسلل إلى زوايا حياتك المتعبة، ودع نور النعم يضيء قلبك الحزين، إن مشاعر الامتنان والشكر عالية وقوية التأثير في رفع طاقتنا الداخلية حيث تبقينا بإيجابية وبمشاعر مستقرة، وتجعلنا نستمتع بتجارب جيدة، وتحسن صحتنا النفسية، والقدرة على التعامل مع مصاعب الحياة.
فالامتنان هي النظارة التي تجعلك ترى وتلاحظ وتدرك أصغر النعم الموجودة حولك.
فمن الآن عوّد نفسك على التأمل والشكر، فالتأمل عبادة والشكر زيادة للخير.
تأمل شروق الشمس وأصوات العصافير، تأمل ضوء القمر وبريق النجوم وهدوء الليل.
اشكر الله على المال الذي وهبك إياه لاقتناء هذا الهاتف الذي بيدك، والكرسي الذي تجلس عليه، والسيارة التي تتنزه بها، ونعمة تذوق الطعام اللذيذ، الراحة النفسية، القدرة على إنجاز أمورك بنفسك، اشكر معلميك على جهودهم، وامتن لأهلك على لحظاتكم السعيدة من خلال تذكر الماضي، امتن لأصدقائك على مواقفكم المضحكة، و وقفتهم بجانبك متى ما احتجت.
ولتعتاد كل يوم على الأقل اكتب نعمتين تشكر الله عليها.
وأخيراً الآن أرسل رسالة لشخص أسدى لك معروفًا، ولذلك تشكره بشكل جيد، أو امتن لمن أعد سفرة الإفطار بكل حُب.
وبالطبع أنا ممتنة لمن أعطاني من وقته لقراءة هذا المقال.
0