عوضه الدوسي

القدرُ المحتومُ

يرى البعض ان الفشل قدرٌ محتومٌ عليه وانه لا يمكن ان يحيد عنه قيد أنملة، وأن ذلك سيصيبه لامحالة وواقع به لا ريب ، حالة يأس وقنوط وخذلان وجلدٌ للذات ، مع انه في واقع الامر لم يكن كذلك بهذا الواقع البائس والمحبط ، بل ان داخله إنسان اخر مختلف عن تصوره افقه الضيق

دواؤك فيك وما تبصرُ
وداؤك منك وما تشعرُ
وتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبرُ

ان هذه التوقعات الخائبة وليدة لخيارته المتبعة جراء نمط عيشه، وطريقة تفكيره ، وسلوك وأسلوب حياته ، ومن هنا أود ان اذكر القاري الكريم بمقال لي نشر في هذه الصحيفة بعنوان (فشل التجربة) حاولت من خلال طرحه ان أوصل رسالة تحمل في حياتها كيان أي شخصية ويمكن ان يكون أي شخص بكيان متفرد ومختلف (فكما تفكر تكون) وقد ذكرت في المقال مانصه. “يظن الظانون ان المعرفة حكراً على الاكاديميين او حتى غيرهم, وهذا مفهوم غالط فالمعرفة يشترك فيها كل شرائح المجتمع ، والمنفعة متبادلة بصرف النظر عن الفروق الفردية بين الناس, عند ذلك ستتعدد دوائر المعرفة وتتنوع وهكذا دواليك تنتقل الخبرات من دائرة لأخرى لتطال كل الابعاد”.

في نظري يمكن ان يتحول الفشل الى نجاح حيث تشير بعض الدارسات الى ذلك ، وان ما مر به ليس إلا تجربه حياتية يفترض ان تراكم لديه الخبرات وان العثرات واقعة في صعودك الى اللقمة يقول أبو القاسم الشابي في قصيدته إرادة الحياة :
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ ** يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ
الى ان قال:
أبارك في الناس أهلَ الطموح ** ومن يستلذُ ركوب الخطرْ

وكما يقال في الحكمة العربية لكل جواد كبوة فالوقوع في وهدة الإحباط هو في حقيقته جراء تفكير عقيم وجلد للذات يستجر فيهما الشخص بعض آلام الماضي وواقعة او مواجع الحياة العابرة ولهذا يمكن لأي شخص ان يوفر لنفسة مناخ مناسب للوصول على الاقل على تخوم مفاهيم الاستخلاف ،هذا المفهوم الذي يتجلى فيه الدور الانساني النبيل ومن ثم حمل الرسالة أيا كانت وطنية او اجتماعية او غيرها لتجعل منه شخصية فاعلة على مستوى المسئولية للوصول الى المبتغى والهدف دون النظر الى الافواه الفاغرة للمحبطين ، ولا يمكن ان تصل الى الالف خطوة دون ان تسجل خطوتك الأولى في الدرب الطويل، وهنا اود ان اشير الى نقطة في غاية الأهمية الا وهي الفروق الفردية بين الناس وهذا مكمن الثراء لان الاختلاف هو في واقعه تعددية للمواهب والسمات والقدرات ، فالشخص المختلف عنك بالضرورة لديه ما سيثري جانبا اخر في حياتك وحياة المجتمع وهو منحى إيجابي اذا ما حاولنا ان نستثمره بشكل او بأخر ، ولولا تلك الفروق لما برز شخصيات عن أخرى مختلفة في الطريقة والاسلوب ، فليس بالضرورة ان تكون متماثلا مع الاخر وتتساوى معه، وفي نظري أن كل انسان لديه قدرات متى ما اكتشفها وعمل على تطور استطاع ان يكون له شخصية متفردة عن غيره فالدور الإيجابي والانتقال من وضع لأخر يعود الى أهمية الرغبة في اثراء الحياة الإنسانية بالجوانب المشرقة والخروج من القيود وسجن الذات وحالات الصد المعرفي التي ربما تقود لعوامل متعددة تتجه نحو ركس الذات وكبح جماح الخير واخماد جذوة العطاء في الانسان ، فمبادئ الإرادة لها وجهان اما ان تتجه نحو النفع والخير والايجابيات واقتناص الجوانب المشرقة والمضي بمعيتها او تتجه في الاتجاه المظلم حيث كانت الاستعاذة من مبادى إرادة شيطانية التي تجافي مبادى العطاء والمبادرة وقيم النفع والخير ذلك المسلك هو الاخر مستعاذ ومنهي عنه ( لا تتبعوا خطوات الشيطان ) ولم يقل خطوة باعتبار ان التتابع موكل بالوصول فعوامل النفسية المريضة تقود الى تصور ذهني مظلم ينعكس سلبا على الدور الإيجابي في الحياة ويقود الى التراجع عن اخذ الدور الريادي في المجتمع لأداء الدور والرسالة التي اكدت عليه رسالة السماء في اكثر من موضع ( هو الذي جعلكم خلائف الأرض).

انني عنما اتحدث عن الدور والرسالة استحضر شخصيات كثر عرفتها في مناكب الأرض وعروض الحياة ، ويشرفني ان ادرج بعضا منها كنماذج مشرقة متسنمة روح من التفاني والعطاء تعرفهم للوهلة الأولى يتطلعون الى امال كبيرة وطموحات عريضة لديهم حس مختلف ووعي ثاقب وذهن فاطن يستند الى الايمان بتباينات الحياة واختلاف ما فيها ، وهذا الاطراء ليس مديحا مني بقدر ما هو استشعار بالمسئولية اما الشخصيات المستقلة التي قد شمرت عن سواعدها في ميادين العطاء والدخول الى معترك الحياة لأداء الدور والرسالة دون الالتفات لضجيج الصوت المحبط مع همم كبيرة محفوفة بروح الواثقين في المستقبل نحو شعف لريادة الحياة وبخوض للتجارب في درب الحياة الطويل
الاستاذين عبدالله احمد الزهراني رئيس تحرير صحفية مكة الالكترونية، وعبدالله عبدالرحمن الاسمري المستشار القانوني بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كانا ولا يزالان جذوة متقدة تنكبا الصعاب للوصول الى دائرة العطاء، كانا ولا يزالان مهمومين بشيء من ضوء للمستقبل على صعيد هذا الوطن المعطاء في ظل القيادة الرشيدة تهب الأعاصير فيدير كل منهما ضوء الفتيل املا في الغد الذي سيتوهج ضوءه ويشتعل
تلك بعض النماذج المشرقة وهم كثر في وطني ذلك النموذج الفذ عمل على ذاته ووعي الرسالة المؤكلة اليه وذلك من دافع ديني ووطني وجذوة متقدة في النفس ، وهذا ما دفعني لذكر بعض النماذج المشرّفة وهم كثر في وطني كما اسلفت، فالمنجز على الصعيد الشخصي بالضرورة ينعكس على المجتمع الوطن ، وهذا هو دافع رئيس في توثيق تجربتي في الحياة مع هذين النموذجين ، الى جانب المحاولة الجادة في استنهاض الهمم والعمل بكل همه واقتدار من اجل الوطن وانسانه ، ومن تداعيات الايمان العميق بان الحياة هي المدرسة الاولى وحيثما تبحر بعلاقة عميقة تكون ثمة مدراس أخرى فهل ننهل من تلك المدارس .. والى لقاء

ماجستير في الادب والنقد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. لك مني كل الثناء والتقدير بعدد قطرات المطر وألوان الزهر وشذى العطر على جهودك القيمة والثمينة ابا عبدالملك فأنت دائماً مميز في طرحك وأسلوبك

  2. تسلم اناملك وماشاء الله عليك يا ابا عبدالملك دائما مقالاتك رائعه كروعة صاحبها بارك الله في جهودك وبالتوفيق.

  3. انعم وأكرم فيك وفي من ذكرت من الرجال الأوفياء طرح جميل من انسان اجمل في شخصيتين اكثر جمالاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى